للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وضع من أول الأمر كذلك كشتان وصه، والثاني ما نقل عن غيره وهو نوعان: الأول منقول عن ظرف أو جار ومجرور نحو: عليك بمعنى الزم ومنه عليكم أنفسكم أي: الزموا شأن أنفسكم، ودونك زيدًا بمعنى خذه ومكانك بمعنى اثبت، وأمامك بمعنى تقدم، ووراءك بمعنى تأخر، وإليك بمعنى تنح.

ــ

الكاف من الإعراب يخالف هذا ويقتضي أن اسم الفعل هو الجار فقط ا. هـ. يس وتوقف البعض في دلالة كلامهم في التقسيم على ما سبق وهو توقف في غير محله بعد قولهم منقول من ظرف أو جار ومجرور. قوله: "ما وضع من أول الأمر كذلك" أي: اسم فعل.

قوله: "نحو: عليك بمعنى الزم" وقد يتعدى بالباء نحو: عليك بذات الدين فيكون بمعنى فعل مناسب متعد بها. وصرح الرضي بأن الباء في مثله زائدة قال, والباء تزاد كثيرًا في مفعول أسماء الأفعال لضعفها في العمل ا. هـ. دماميني. قوله: "ومنه عليكم أنفسكم" قيل ومنه عليكم في قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الأنعام: ١٥١] ، والوقف على قوله: ربكم والذي أحوج القائل إلى ذلك إشكال ظاهر الآية؛ لأن أن إن جعلت مصدرية بدلًا من ما أو من العائد المحذوف ورد أن المحرم الإشراك لا نفيه, وأن الأوامر الآتية بعد ذلك معطوفة على لا تشركوا وفيه عطف الطلب على الخبر, وجعل المأمور به محرمًا فيحتاج إلى تكلفات مثل جعل لا زائدة وعطف الأوامر على المحرم باعتبار حرمة أضدادها وتضمين الخبر معنى الطلب, وإن جعلت أن مفسرة على أن لا ناهية أشكل عطف الأوامر المذكورة على النهي؛ لأنها لا تصلح بيانًا للمحرم بل الواجب وعطف أن هذا صراطي مستقيمًا على أن لا تشركوا إذ لا معنى لعطفه على أن المفسرة والفعل, واختار الزمخشري كونها مفسرة لقرينة عطف الأوامر، وأجاب عن الأول بأن عطف الأوامر على النهي باعتبار لوازمها من النهي عن أضدادها والثاني بمنع عطف أن هذا صراطي مستقيمًا على أن لا تشركوا, بل هو تعليل لاتبعوا على حذف اللام وجاز عود ضمير اتبعوه إلى الصراط لتقدمه في اللفظ.

فإن قيل فعلى هذا يكون اتبعوه عطفًا على لا تشركوا ويصير التقدير: فاتبعوا صراطي؛ لأنه مستقيم وفيه جمع بين حرفي عطف الواو والفاء وليس بمستقيم, وكذا إن جعلنا الواو استئنافية قلنا ورود الواو مع الفاء عند تقديم المعمول فصلًا بينهما سائغ في الكلام مثل وربك فكبر: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: ١٨] ، فإن أبيت الجمع فاجعل الفاء زائدة فإن أبيت فاجعل المعمول متعلقًا بمحذوف والعامل المقرون بالفاء عطفًا عليه مثل عظم فكبر، وادعوا الله فلا تدعوا، وآثروه فاتبعوه تفتازاني على الكشاف باختصار. قوله: "ومكانك بمعنى أثبت" فيكون لازمًا وحكى الكوفيون تعديته وأنه يقال مكانك زيدًا أي: انتظره قال الدماميني: ولا أدري أي: حاجة إلى جعل مثل هذا الظرف اسم فعل وهلا جعلوه ظرفًا على بابه, وإنما يحسن دعوى اسم الفعل حيث لا يمكن الجمع بين ذلك وذلك الفعل نحو: صه وعليك وإليك وأما إذا أمكن فلا فإنه يصح أن يقال أثبت مكانك وتقدم أمامك ولا تقول اسكت صه إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>