للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما لِما تَنوبَ عنهُ من عَمَل ... لها وأَخِّرْ ما لِذِي فيهِ العَمَل

ــ

خطاب لا موضع لها من الإعراب، مثلها في ذلك، وأن يكونا مصدرين ففتحتهما فتحة إعراب وحينئذ فالكاف في رويدك تحتمل الوجهين: أن تكون فاعلًا وأن تكون مفعولًا. الثالث: تخرج رويد وبله عن الطلب فأما بله فتكون اسمًا بمعنى كيف فيكون ما بعدها مرفوعًا، وقد روي بله الأكف بالرفع أيضًا، وممن أجاز ذللك قطرب وأبو الحسن، وأنكر أبو علي الرفع بعدها. وفي الحديث يقول الله تبارك وتعالى: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخرًا من بله ما أطلعتم عليه"، فوقعت معربة مجرورة بمن وخارجة عن المعاني المذكورة، وفسرها بعضهم بغير وهو ظاهر، وبهذا يتقوى من بعدها من ألفاظ الاستثناء وهو مذهب لبعض الكوفيين. وأما رويد فتكون حالًا نحو: ساروا رويدًا فقيل هو حال من الفاعل أي: مروين. وقيل من ضمير المصدر المحذوف أي: ساروه أي: السير رويدًا. وتكون نعتًا لمصدر إما مذكور نحو: ساروا سيرًا رويدًا أو محذوف نحو: ساروا رويدًا أي: سيرًا رويدًا "وما لما تنوب عنه من عمل لها" ما مبتدأ موصول صلته لما. وما من لما موصول أيضًا صلته تنوب، وعنه ومن عمل متعلقان بتنوب، ولها خبر المبتدأ،

ــ

للرفع خلاف الأصل ولا مفعولًا؛ لئلا يلزم عمل اسم الفعل في ضميري مخاطب وذلك خاص بأفعال القلوب وما حمل عليها ولا مجرورًا؛ لأن اسم الفعل لا يعمل الجر. قوله: "ذخرًا" بذال معجمة مضمومة. قوله: "من بله" بفتح بله وكسرها فوجه الكسر ما ذكره الشارح وأما وجه الفتح فقال الرضي: إذا كانت بله بمعنى كيف جاز أن تدخله من حكى أبو زيد أن فلانًا لا يطيق حمل الفهر فمن بله أن يأتي بالصخرة أي: كيف ومن أين وعليه تتخرج هذه الرواية فتكون بله بمعنى كيف التي للاستبعاد وما مصدرية في محل رفع بالابتداء والخبر من بله والضمير المجرور بعلى عائد على الذخر ا. هـ. دماميني وشمني. والمعنى على هذا من كيف أي: من أين اطلاعكم على هذا الذخر أي: المدخر ولا يخفى ما في جعلها على هذه الرواية بمعنى كيف من الركاكة ولو جعلت فيها من أول الأمر بمعنى أين لكان أحسن. قوله: "ما أطلعتم" بضم الهمزة وكسر اللام.

قوله: "وخارجة عن المعاني المذكورة" قال الشمني: يجوز أن تكون مصدرًا بمعنى ترك ومن تعليلية أي: من أجل تركهم ما علمتموه من المعاصي فلا تكون خارجة. قوله: "من ضمير المصدر" يعني المصدر الذي دل عليه الفعل وقوله: المحذوف صفة لضمير بقرينة قول الشارح: أي: ساروه. قوله: "سيرًا رويدًا" أي: مرودًا فيه. قوله: "أو محذوف نحو: ساروا رويدًا" مذهب سيبويه أن نصب هذا على الحال ولا يكون نعت مصدر محذوف؛ لأن رويدًا صفة غير خاصة بالموصوف فلا يحذف إلا على قبح. قلت ليس الغرض باشتراط الخصوص بالموصوف إلا ليكون ذلك قرينة يعلم بها المحذوف فإذا حصل العلم بدون كون الصفة خاصة بالموصوف لم يمتنع الحذف كما هنا لحصول العلم بأن الموصوف هو السير للقرينة الدالة عليه فلا ضير في حذفه دماميني.

<<  <  ج: ص:  >  >>