للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما بِهِ خُوطِبَ ما لا يَعقِلُ ... من مُشْبِهِ اسمِ الفعلِ صَوتا يُجْعَلُ

كذا الذي أجْدَى حكِايَةً كَقَبْ ... والزم بنا النوعينِ فهو قد وَجَبْ

ــ

المعنى أفعالًا ومن قبل اللفظ أسماء جعل لها تعريف تنكير، فعلامة تعريف المعرفة منها تجرده من التنوين، وعلامة تنكير النكرة منها استعماله منونًا. ولما كان من الأسماء المحضة ما يلازم التعريف كالمضمرات وأسماء الإشارة وما يلازم التنكير كأحد وعريب وديار، وما يعرف وقتا وينكر وقتا كرجل وفرس جعلوا هذه الأسماء كذلك فألزموا بعضًا التعريف كنزال وبله وآمين، وألزموا بعضا التنكير كواها وويها، واستعملوا بعضا بوجهين فنون مقصودًا تنكيره وجرد مقصودا تعريفه كصه وصه واف واف ا. هـ.

تنبيه: ما ذكره الناظم هو المشهور. وذهب قوم إلى أن أسماء الأفعال كلها معارف ما نون منها وما لم ينون تعريف علم الجنس "وما به خوطب ما لا يعقل من مشبه اسم الفعل صوتا يجعل. كذا الذي أجدى حكاية كقب" أي: أسماء الأصوات ما وضع لخطاب

ــ

قوله: "من قبل المعنى أفعالًا" ذكره تتميمًا للفائدة وإلا فقوله: جعل لها تعريف إلخ إنما ينبني على كونها من قبيل اللفظ أسماء. قوله: "كأحد" أطلق أحد وله استعمالات أربعة. أحدها مرادف الأول وهو المستعمل في العدد نحو: أحد عشر. والثاني مرادف الواحد بمعنى المنفرد نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ٢] ، الثالث مرادف إنسان نحو: وإن أحد من المشركين. الرابع أن يكون اسمًا عاما في جميع من يعقل فما منكم من أحد وهو المراد هنا فإنه الملازم للتنكير, وندر تعريفه قاله الموضح في الحواشي تصريح. قوله: "وبله" لا ينافيه ما مر في شرح قوله: ويعملان الخفض من قوله: وبلها عمرًا؛ لأن ذاك على المصدرية سم. قوله: "تعريف علم الجنس" يعني أن مسماها حقيقة لفظ الفعل المتحدة في الذهن. قوله: "من مشبه اسم الفعل" قال البعض: أي: في الاكتفاء به وعدم احتياجه في إفادة المراد إلى شيء آخر ا. هـ. وفيه أن اسم الفعل لا يفيد المراد وحده بل بضميمة فاعله الظاهر كما في هيهات نجد أو المستتر كما في صه فوجه الشبه المذكور لم يوجد في المشبه به اللهم إلا أن يجعل المشبه به اسم الفعل الرافع للمستتر ويراد الاكتفاء به بحسب الظاهر, وقطع النظر عن الضمير المستتر فتأمل ثم قوله من مشبه اسم الفعل بيان لما حال من الضمير المجرور بالباء على قاعدة من البيانية ومجرورها من كونهما في موضع الحال, وبهذا يعلم اختلال قول البعض تبعًا للفارضي الجار والمجرور بيان لما أو حال من الضمير في به فتنبه.

قوله: "صوتًا يجعل" أي: يجعل اسم صوت. قوله: "كذا الذي أجدى حكاية" أي: أفادها وصريحه أنها ليست نفس الحكاية بل مفيدة ومفهمة لها وهو كذلك؛ لأن من شروط الحكاية أن تكون مثل المحكي وهذه الألفاظ مركبة من حروف صحيحة وليس المحكي كذلك, إذ الحيوانات والجمادات لا تحسن الإفصاح بالحروف لكنهم لما احتاجوا إلى حكاية تلك الأصوات وتعذرت أو تعسرت عليهم أوردوا صورتها بأدنى ما أمكنهم من ألفاظ مركبة من الحروف شبيهة

<<  <  ج: ص:  >  >>