تنبيهان: الأول مراد الناظم أن التوكيد بعد ما المذكور قليل بالنسبة إلى ما تقدم، لا قليل مطلقًا، فإنه كثير كما صرح به في غير الكتاب، بل ظاهر كلامه اطراده. وإنما كان كثيرًا من قبل أن ما لما لازمت هذه المواضع أشبهت عندهم لام القسم فعاملوا الفعل بعدها معاملته بعد اللام. نص على ذلك سيبويه كما حكاه في شرح الكافية. الثاني كلامه يشمل ما الواقعة بعد رب، وصرح في الكافية بأن التوكيد بعدها شاذ، وعلل ذلك بأن الفعل بعدها ماضي المعنى، ونص بعضهم على أن إلحاق النون بعدها ضرورة، وظاهر كلامه في التسهيل أنه لا يختص بالضرورة, وهو ما يشعر به كلام سيبويه فإن حكى ربما يقولن ذلك. ومنه قوله:
١٠٠٩- رُبّما أوفَيتُ في عَلَمٍ ... تَرْفَعَنْ ثَوبِي شمالاتُ
ــ
زكريا. قوله:"لا قليل مطلقاً" أي: بالنسبة لما تقدم وفي نفسه. قوله:"بل ظاهر كلامه اطراده" لكن في التصريح أنه لا يقاس على المواضع التي سمع فيها زيادة ما, وأنه لا يحذف منها ما. قوله:"لما لازمت هذه المواضع" يعني بعد عين وجهد وحيث ومتى وعضة وقليلًا في التراكيب المتقدمة وما أشبهها, وعندي في اللزوم بالنسبة إلى متى نظر للقطع بجواز متى تقعد أقعد فتأمل, وإنما زيدت ما بعد النكرة لتوكيد الإبهام كما قال شيخنا, وقول البعض لزوال الإبهام سبق قلم. قوله:"أشبهت" أي: في اللزوم وأما قول شيخنا: أي: في التوكيد فيرد عليه أن المشابهة في التوكيد لا تتوقف على اللزوم لترتب التوكيد بما على مجرد حصولها. قوله:"معاملته بعد اللام" أي: في مطلق توكيده فلا يرد أن توكيده بعد اللام واجب عند البصريين وبعد ما هذه قليل. قوله:"ماضي المعنى" أي: فلا يناسبه التوكيد بالنون المقتضية للاستقبال, والمراد ماضي المعنى غالبًا فلا يرد ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين. قوله:"وظاهر كلامه في التسهيل إلخ" يصح تمشيته على أنه قليل وعلى أنه شاذ.
قوله:"ربما أوفيت إلخ" أي: نزلت والعلم الجبل وفي بمعنى على والشاهد في ترفعن
١٠٠٩- البيت من المديد، وهو لجذيمة الأبرش في الأزهية ص٩٤، ٢٦٥؛ والأغاني ١٥/ ٢٥٧؛ وخزانة الأدب ١١/ ٤٠٤؛ والدرر ٤/ ٢٠٤؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٨١؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٢؛ وشرح شواهد الإيضاح ص٢١٩؛ وشرح شواهد المغني ص٣٩٣؛ والكتاب ٣/ ٥١٨؛ ولسان العرب ٣/ ٣٢ "شيخ"، ١١/ ٣٦٦ "شمل"؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٣٤٤، ٤/ ٣٢٨؛ ونوادر أبي زيد ص٢١٠؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص٢٩٣، ٣٦٦، ٣٦٨، وأوضح المسالك ٣/ ٧٠؛ والدرر ٥/ ١٦٢؛ ورصف المباني ص٣٣٥؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٠٦؛ وشرح المفصل ٩/ ٤٠؛ وكتاب اللامات ص١١١؛ ومغني اللبيب ص١٣٥، ١٣٧، ٣٠٩؛ والمقتضب ٣/ ١٥؛ والمقرب ٢/ ٧٤؛ وهمع الهوامع ٢/ ٣٨، ٧٨.