وإنما لم يقيد كلامه بالناقصة اكتفاء بأنها المفهومة عند إطلاق كان لشهرتها وكثرتها في أبواب النحو. ودخل في قوله نفي كان نحو: لم يكن أي: المضارع المنفي بلم كما رأيت؛ لأن لم تنفي المضارع. وقد فهم من النظم قصر ذلك على كان خلافًا لمن أجازه في أخواتها قياسًا ولمن أجازه في ظننت.
تنبيهات: الأول ما ذكره من أن اللام التي ينصب الفعل بعدها هي لام الجر والنصب بأن مضمرة هو مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن اللام ناصبة بنفسها، وذهب ثعلب إلى أن اللام ناصبة بنفسها لقيامها مقام أن، والخلاف في اللامين أعني لام الجحود ولام كي. الثاني اختلف في الفعل الواقع بعد اللام: فذهب الكوفيون إلى أنه خبر كان واللام للتوكيد. وذهب البصريون إلى أن الخبر محذوف واللام متعلقة بذلك الخبر
ــ
قوله:"لأن لم تنفي المضارع" لو قال: لأن لم تقلب المضارع إلى المضي لأنتج مطلوبه وفي بعض النسخ؛ لأن لم تنفي الماضي أي: الماضي معنى وهو المضارع لفظًا ولا إشكال عليها فتأمل.
قوله:"لمن أجازه في أخواتها" نحو: ما أصبح زيد ليضرب عمرًا ولم يصبح زيد ليضرب عمرًا وقوله: ولمن أجازه في ظننت أي: قياسًا نحو: ما ظننت زيدا ليضرب عمرًا ولم أظن زيدا ليضرب عمرا قال أبو حيان: وهذا كله تركيب لم يسمع فوجب منعه ا. هـ. فما يتبادر من قول البعض والحق أن اللام فيما ذكر لام كي لا لام الجحود كما يظهر بالنظر في المعنى ا. هـ. من جواز هذه التراكيب ممنوع من أن دعواه أن اللام فيها لام كي وأن النظر في المعنى يرشد إلى ذلك باطلة قال في التصريح وبعضهم أجازه في كل فعل تقدمه نفي نحو: ما جاء زيد ليفعل ا. هـ. قال يس: وهو فاسد؛ لأن هذه يعني اللام في نحو: ما جاء زيد ليفعل لام كي. قوله:"ما ذكره من أن اللام إلخ" لأن كلامه في أن الواقعة بعد لام الجر لقوله: وبين لا ولام جر إلخ. قوله:"والنصب بأن مضمرة" إنما قال مضمرة مع أن النصب عند البصريين بعد اللام بأن مظهرة أو مضمرة وعند الكوفيين باللام أظهر أن أو أضمرت كما سيصرح به الشارح عند شرح قول المصنف وبعد حتى إلخ لأجل قول ثعلب؛ لأنه إنما يأتي عند إضمار أن فتأمل. قوله:"ناصبة بنفسها" أي: بطريق الأصالة بدليل ما بعده واحتجوا بقوله:
لقد عذلتني أم عمرو ولم أكن ... مقالتها ما كنت حيا لأسمعا
إذا لو كانت أن الناصبة للزم تقدم معمول صلتها عليها وهو ممتنع ورد بأن مقالتها معمول لمحذوف يفسره المذكور نظير ما مر في قوله: كان جزائي العصا أن أجلدا وقوله: ما كنت أي: مدة وجودي حيا. قوله:"لقيامها مقام أن" أي: نيابة عن أن. قوله:"اختلف في الفعل إلخ" الظاهر أن هذا الاختلاف مبني على الاختلاف في الناصب هل هو اللام أو أن المضمرة. قوله:"إلى أنه" أي: الفعل وفيه مسامحة؛ لأن الخبر جملة الفعل والفاعل. قوله:"واللام للتوكيد" أي: زائدة لتوكيد النفي كالباء في ما زيد بقائم واعترض قولهم بأن اللام الزائدة تعمل الجر في