مبتدأ، فيكون المقصود نفي الأول وإثبات الثاني، وإذا قصد الجواب لم يكن الفعل إلا منصوبًا على معنى ما تأتينا محدثًا، فيكون المقصود نفي اجتماعهما أو على معنى ما تأتينا فكيف تحدثنا فيكون المقصود نفي الثاني لانتفاء الأول، واحترز بمحضين عن النفي الذي ليس بمحض وهو المنتقض بإلا والمتلو بنفي نحو: ما أنت تأتينا إلا فتحدثنا، ونحو: ما تزال تأتينا فتحدثنا، ومن الطلب الذي ليس بمحض وهو الطلب باسم الفعل وبالمصدر أو بما لفظه خبر نحو: صه فأكرمك، وحسبك الحديث فينام الناس، ونحو: سكوتًا فينام الناس،
ــ
فائدة: إذا قلت ما يليق بالله الظلم فيظلمنا فالفعلان منفيان وانتفاء الثاني مسبب عن انتفاء الأول فيجوز رفع الثاني على مجرد العطف أي: فما يظلمنا ونصبه على ترتب انتفاء الثاني على انتفاء الأول أي: فكيف يظلمنا, وإذا قلت ما يحكم الله تعالى بحكم فيجوز فالثاني فقط هو المنفي والنصب واجب على جعل الثاني قيدًا للأول أي: ما يكون منه حكم يترتب عليه جور.
قوله:"وبمعنى ما تأتينا" أي: في المستقبل فأنت تحدثنا أي: الآن وإلا فظاهره مشكل إذ لا يمكن أن يحدثه مع عدم الإتيان ا. هـ. زكريا وصوره البعض بأن يكون أحدهما على شط نهر والآخر على شطه الآخر. قوله:"فيكون المقصود نفي اجتماعهما" أي: لانصباب النفي حينئذ على المعطوف أي: ما يكون منك إتيان يعقبه تحديث أعم من أن ينتفي أصل الإتيان أيضًا, أو يثبت هذا مقتضى عبارة الشارح, ومقتضى عبارة المغني والرضي ثبوت أصل الإتيان على هذا المعنى. وعبارة الثاني ومعنى النفي في ما تأتينا فتحدثنا انتفى الإتيان فانتفى التحديث لانتفاء شرطه وهو الإتيان هذا هو القياس, ثم قال: ويجوز أن يكون النفي راجعًا إلى التحديث في الحقيقة لا إلى الإتيان أي: ما يكون منك إتيان بعده تحديث وإن حصل مطلق الإتيان وعلى هذا المعنى ليس في الفاء معنى السببية, لكن انتصب الفعل عليه تشبيهًا بفاء السببية ا. هـ.
قوله:"أو على معنى ما تأتينا فكيف تحدثنا" هذا المثال وإن صح فيه المعنيان المذكوران لكن ليس كل مثال كذلك فقد قال في المغني: وعلى المعنى الأول يعني الثاني من وجهي قصد الجواب في كلام الشارح جاء قوله سبحانه وتعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا}[فاطر: ٣٦] ، أي: فكيف يموتون ويمتنع أن يكون على الثاني يعني الأول في كلام الشارح إذ يمتنع أن يقضى عليهم ولا يموتوا ا. هـ. وهذا أيضًا يعكر على ما سبق عن شيخنا والبعض من قولهما في الآية أي: لا يقضى عليهم ميتين. قوله:"وهو الطلب باسم الفعل" إنما لم يكن محضًا؛ لأنه ليس موضوعًا للطلب بناء على الصحيح أنه موضوع للفظ الفعل, وكذا على أنه موضوع للحدث أما على أنه موضوع لمعنى الفعل فمشكل أفاده سم. قوله:"أو بالمصدر" أي: الواقع بدلًا من اللفظ بفعله, قال ابن هشام: ألحق أن المصدر الصريح إذا كان للطلب ينصب ما بعده سيوطي. قوله:"وحسبك الحديث" مقتضاه أن حسب اسم فعل أمر وليس كذلك؛ لأن حسب إما اسم فعل مضارع بمعنى يكفي فضمته بناء وإما اسم فاعل بمعنى كاف فضمته إعراب فكان ينبغي تأخير هذا