من حيث انتصب ما بعد الفاء، وإنما يكون كذلك إذا لم ترد الاشتراك بين الفعل والفعل، وأردت عطف الفعل على مصدر الفعل الذي قبلها كما كان في الفاء وأضمرت أن، وتكون الواو في هذا بمعنى مع فقط، ولا بد مع هذا الذي ذكره من رعاية أن لا يكون الفعل بعد الواو مبنيا على مبتدأ محذوف؛ لأنه متى كان كذلك وجب رفعه، ومن ثم جاز فيما بعد الواو من نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن ثلاثة أوجه: الجزم على التشريك بين الفعلين في النهي، والنصب على النهي عن الجمع، والرفع على ذلك المعنى، ولكن على تقدير وأنت تشرب اللبن.
ــ
إلخ من بمعنى في وهو كما قال شيخنا: بدل من غير الموجب أي: في الأمكنة التي ينتصب فيها ما بعد الفاء، قوله:"عطف الفعل" فيه تسمح إذ المعطوف أن والفعل المؤولان بالمصدر لكن لما كان الموجود في اللفظ الفعل فقط اقتصر عليه وبهذا يعلم ما في كلام البعض. قوله:"بمعنى مع فقط" أي: للمصاحبة دون الاشتراك بين الفعلين وإلا فهي للعطف أيضا كما سبق وكما يدل عليه قوله: وأردت عطف الفعل إلخ. قوله:"ولا بد مع هذا إلخ" هذا علم من قول ابن السراج وأردت عطف الفعل على مصدر الفعل الذي قبلها ا. هـ. زكريا أي: فليس زائدًا على كلام ابن السراج كما يقتضيه كلام الشارح, بقي أن رفع ما بعد الواو استئنافًا لإباحته بعد النهي عما قبلها لا يتوقف على تقدير مبتدأ فما الداعي إلى تقديره, ثم رأيت في شرح الدماميني عند قول المغني: أجرى ابن مالك ثم مجرى الفاء والواو بعد الطلب فأجاز في قوله -صلى الله عليه وسلم:"لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه" ثلاثة أوجه الرفع بتقدير ثم هو يغتسل فيه وبه جاءت الرواية والجزم بالعطف على موضع فعل النهي والنصب بأن مضمرة ما نصه تقدير هو ليس لأجل كونه متعينًا وإنما هو لتحقيق كون الكلام مستأنفًا كما جرت به عادة النحاة عند الاستئناف ا. هـ.
قوله:"على التشريك بين الفعلين في النهي" أي: على النهي عن كل منهما كما عبر به في المغني وغيره, قال الدماميني: ولي فيه نظر إذ لا موجب لتعين أن يكون المراد النهي عن كل منهما بل يحتمل أن المراد النهي عن الجمع بينهما كما قالوا إذا قلت ما جاءني زيد وعمرو احتمل أن المراد نفي كل منهما على كل حال وأن المراد نفي اجتماعهما في وقت المجيء فإذا جيء بلا صار الكلام نصا في المعنى الأول فكذا إذا قلت لا تضرب زيدًا وعمرًا احتمل تعلق النهي بكل منهما مطلقًا وتعلقه بهما على معنى الاجتماع ولا يتعين الأول إلا بلا ولا فرق في ذلك بين الاسم والفعل. قال الشمني: يرتفع هذا النظر بأن معنى قولهم النهي عن كل منهما أي: ظاهرًا فلا ينافي احتمال النهي عن الجمع بينهما.
قوله:"على ذلك المعنى" أي: بناء ما بعد الواو على مبتدأ محذوف ولا موقع للاستدراك بعد بل كان عليه أن يحذفه أو يبدله بقوله: وهو تقدير إلخ ولا يصح رجوع الإشارة إلى النهي عن الجمع؛ لأنه يمنع منه كون الإشارة للبعيد وكون الرفع على النهي عن الأول وإباحة الثاني لا على النهي عن الجمع اللهم إلا أن يكون هذا توجيهًا للرفع غير المشهور وعليه تكون الواو للحال لا