وشَرْطُ جزمٍ بعد نَهي أنْ تَضَعْ ... إنْ قبلَ لا دونَ تخالُفٍ يَقَعْ
ــ
ذهب إليه المصف؛ لأن الشرط لا بد له من فعل, ولا جائز أن يكون هو الطلب بنفسه ولا مضمنًا له مع معنى حرف الشرط لما فيه من زيادة مخالفة الأصل، ولا مقدرًا بعده لامتناع إظهاره بدون حرف الشرط بخلاف إظهاره معه؛ ولأنه يستلزم أن يكون العامل جملة وذلك لا يوجد له نظير ا. هـ. "وشرط جزم بعد نهي" فيما مر أن يصح "إن تضع إن" الشرطية "قبل لا" النافية "دون تخالف" في المعنى "يقع" ومن ثم جاز لا تدن من الأسد تسلم، وامتنع لا تدن من الأسد يأكلك بالجزم خلافًا للكسائي. وأما قول الصحابي: يا رسول الله لا
ــ
يصح أن يكون هو الجواب؛ لأن مقول القول مفعول به للقول فلا يصح جوابًا له لوجوب استقلال الجواب, لكن هذا التقدير ظاهر على غير القول بأن جزم الجواب بلام أمر مقدرة أما عليه فيلزم تكرار الأمر بالإقامة والإنفاق لو قدرنا ذلك ويعجبني
ما ارتضاه المصنف في هذه الآية أن يقيموا مجزوم بلام أمر مقدرة من غير أن يكون جوابًا, فيكون مقول القول إلا أنه محكي بالمعنى إذ لو حكاه بلفظه لقال لتقيموا بتاء الخطاب فاحفظ هذا التحقيق.
قوله:"لأن الشرط" أي: أداته لا بد له إلخ, أجيب بأن هذا في الشرط التحقيقي لا التقديري الذي كلام المصنف فيه؛ لأن المصنف لم يجعله شرطًا حقيقة بل مضمنًا معناه. "أن يكون هو" أي: الفعل الطلب بنفسه؛ لأن الطلب لا يصلح لمباشرة الأداة. قوله:"ولا مضمنًا" معطوف على الطلب أي: ولا يجوز أن يكون هو أي: الفعل مضمنًا له أي: للطلب أي: مجعولًا في ضمن الطلب فعلم أن ما تكلفه شيخنا والبعض لا حاجة إليه. قوله:"لما فيه من زيادة مخالفة الأصل" وذلك؛ لأن تضمن الطلب معنى الحرف مخالف للأصل فتضمنه مع ذلك فعل الشرط فيه زيادة مخالفة للأصل. قوله:"بدون حرف الشرط" أي: وإنما يجوز تقديره إذا جاز إظهاره مع حرف الشرط؛ ولهذا قال بخلاف إظهاره معه وإنما لم يجز إظهار حرف الشرط هنا؛ لأن الطلب قد تضمن معناه فلا يصح إظهاره مع فعل الشرط.
قوله:"ولأنه" أي: ما ذهب إليه المصنف يستلزم أن يكون العامل جملة الطلب ويرد هذا على القول الثاني أيضًا, ولك أن تقول لا نسلم الاستلزام المذكور بل العامل على ما ذهب إليه المصنف وكذا على الثاني الفعل فقط لا الجملة فافهم. قوله:"فيما مر" أي: فيما إذا سقطت الفاء وقصد الجزاء. قوله" أن يصح" أشار به إلى أن الكلام على تقدير مضاف؛ لأن الشرط صحة وضع ما ذكر لا وضعه بالفعل ولهذا الشرط أجمع السبعة على الرفع في قوله تعالى:{وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}[المدثر: ٦] ، وأما قراءة الحسن البصري تستكثر بالجزم فعلى إبداله من تمنن لا على الجواب أو على أن المعنى تستكثر من الثواب أي: تزدد منه. قوله:"قبل لا النافة" وفي بعض النسخ لا الناهية وكل صحيح؛ لأنها قبل دخول إن ناهية وبعده نافية فتسميتها ناهية باعتبار الحالة الأولى وتسميتها نافية باعتبار الثانية أفاده الفارضي.
قوله:"دون تخالف" حال من إن والمراد بالتخالف بطلان المعنى. قوله:"خلافًا للكسائي" فإنه لم يشترط صحة دخول إن على لا وجوز الجزم في نحو: لا تدن من الأسد يأكلك بتقدير أن