الثالث شرط جواز حذف هذا العائد أن يكون متعينًا للربط قاله ابن عصفور، فإن لم يكن معينًا لم يجز حذفه نحو جاء الذي ضربته في داره. الرابع إنما لم يقيد الفعل بكونه تامًّا اكتفاء بالتمثيل كما هي عادته. الخامس إذا حذف العائد المنصوب بشرط ففي توكيده والعطف عله خلاف أجازه الأخفش والكسائي، ومنعه ابن السراج وأكثر المغاربة، واتفقوا على مجيء الحال منه إذا كانت متأخرة عنه نحو هذه التي عانقت مجردة: أي عانقتها مجردة، فإن كانت الحال متقدمة نحو هذه التي مجردة عانقت فأجازها ثعلب ومنعها هشام. وهذا شروع في حكم حذف العائد المجرور، وهو على نوعين: مجرور بالإضافة ومجرور بالحرف. وبدأ بالأول فقال:"كذاك" أي مثل حذف العائد المنصوب المذكور في جوازه وكثرته "حذف ما بوصف" عامل "خفضا كأنت قاض بعد" فعل "أمر من قضى" قال تعالى: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاض}[طه: ٧٢] ، أي قاضيه. ومنه قوله:
١٢٠- ويصغر في عيني تلادي إذا انثنت ... يميني بإدراك الذي كنت طالبا
ــ
يعارضه التعبير بقد لأن التقليل نسبي فاندفع ما للبعض. قوله:"حذف هذا العائد" لو حذف لفظ هذا لكان أحسن لأن هذا الشرط عام كما سيأتي قاله سم. قوله:"لم يجز حذفه إلخ" لأن الضمير المجرور يغني عنه في الربط فيتبادر إلى ذهن السامع أن لا حذف وأن المجرور هو الرابط مع ملاحظة المتكلم المحذوف رابطًا ولأنه لا يدري أمدلول الموصول وهو المضروب أم غيره في داره مع أن المقصود افادة أنه المضروب فلو قطع النظر عن المحذوف ولوحظ المجرور رابطًا ولم يقصد افادة عين المضروب جاز الحذف. قوله:"إنما لم يقيد الفعل بكونه تامًا إلخ" فيه أن الناظم لا يراه كما صرح بذلك قاله يس. قوله:"ففي توكيده" نحو جاء الذي ضربت نفسه والعطف عليه نحو جاء الذي ضربت وعمرًا.
قوله:"أجازه الأخفش" تبع في العزو للأخفش الشيخ المرادي والذي لغيره المنع عنه كما في المغني. والأخافشة ثلاثة لكن المراد عند الإطلاق أبو الحسن الأخفش شيخ سيبويه قاله الشيخ يحيى. قوله:"فأجازها ثعلب" هو الراجح. قوله:"ما يوصف عامل" أي ناصب للعائد محلًّا باعتبار أنه في المعنى مفعوله لاستيفائه شروط عمله وإن كان جارًا له محلًّا أيضًا باعتبار الإضافة والمراد بالوصف هنا خصوص اسم الفاعل فلا يجوز حذف العائد المخفوض باسم المفعول نحو جاء الذي أنت مضروبه قاله في التصريح، وظاهره ولو اسم مفعول المتعدي إلى اثنين نحو جاء الذي أنت معطاه والذي تميل إليه نفسي جواز حذف مخفوضه. لا يقال: إذا اشترط في الوصف الخافض
١٢٠- البيت من الطويل، وهو لسعد بن ناشب في تخليص الشواهد ص١٦٣؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص٦٩؛ وخزانة الأدب ٨/ ١٤١/ ١٤٢؛ والشعر والشعراء ص٧٠٠؛ والمقاصد النحوية ١/ ٤٧١.