في الذي سيذكر، وذلك خمسة عشر أمرًا: الأول أن يكون الخبر مختصًّا ظرفًا أو مجرورًا أو جملة ويتقدم عليها "كعند زيد نمره" وفي الدار رجل، وقصدك غلامه إنسان، قيل: ولا دخل للتقديم في التسويع وإنما هو لما في التأخير من توهم الوصف. فإن قلت: الاختصاص نحو عند رجل مال، ولإنسان ثوب امتنع لعدم الفائدة. الثاني أن تكون عامة إما بنفسها كأسماء الشرط والاستفهام نحو من يقم أكرمه وما تفعل أفعل، ونحو من عندك وما عندك، أو بغيرها وهي الواقعة في سياق استفهام أو نفي نحو:{أَإِلَهٌ مَعَ اللَّه}[النمل: ٦٠]"وهل فتى فيكم فما خل لنا" وما أحد أغير من الله. الثالث أن تخصص بوصف إما لفظًا نحو:
ــ
من صوف تلبسها الأعراب. غزي. قوله:"قيل ولا دخل إلخ" قائله ابن هشام في المغني ووجه تمريض هذا القول أن المبتدأ يتخصص بتقديم الخبر كما قيل بذلك في الفاعل لأنه إذا قيل في الدار علم أن ما يذكره بعد وهو رجل مثلًا موصوف بالاستقرار في الدار فهو في قوة التخصيص بالصفة كما في الجامي وأقره شيخنا والبعض. وقد يقال كان ينبغي حينئذٍ الاكتفاء بالتقديم في التسويغ وإن لم يكن الخبر ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا أو جملة مع أنه يرد عليه أن اختصاص المبتدأ المؤخر بالحكم أثر الحكم فيكون الحكم على غير مختص كما مر نظيره في الفرق بين المبتدأ والفاعل. ولذا قال غير واحد الحق ما قاله ابن هشام فتدبر. قوله:"فإن فات الاختصاص إلخ" لم يمثل لفوات الاختصاص في الجملة فيوهم كلامه أنها لا تكون إلا مختصة مع أنها قد تكون غير مختصة كما في ولد له ولد رجل كذا ينبغي أن يمثل. وأما تمثيل البهوتي بمات في يوم رجل فغير صحيح وإن أقره البعض لفساده على تقدير اختصاصه أيضًا لأن فيه تقديم الخبر الفعلي الرافع لضمير المبتدأ على المبتدأ. قوله:"وما تفعل أفعل" التمثيل به مبني على أن ما مبتدأ والعائد محذوف أي ما تفعله أفعله لا على أن ما مفعول مقدم لتفعل. قوله:"في سياق استفهام" اعترض بأن الكلام في العموم الشمولي والنكرة في سياق الاستفهام إنما يكون عمومها شموليًّا إذا كان إنكاريًا كما في الآية التي مثل بها الشارح لأنه في معنى النفي لا إذا كان غير إنكاري كما في مثال المصنف. نعم قد تكون في غير المنفي وما في معناه والنهي للعموم الشمولي مجازًا فينزل عليه مثال المصنف، على أنه لا مانع من جعل الاستفهام في مثاله أيضًا إنكاريًّا فلا يكون ثم إشكال فتدبر.
قوله:"وما أحد أغير من الله" الأنسب بالمقام جعل ما تميمية لأن الكلام في المبتدأ في الحال. قوله:"أن تخصص بوصف" مقتضاه جواز حيوان ناطق في الدار وامتناع إنسان في الدار لوصف المبتدأ في الأول وعدمه في الثاني مع أن المعنى متحد فيهما. ويمكن الفرق بأن في الأول نكتة الإجمال ثم التفصيل بخلاف الثاني. ثم رأيت سم نقل بهامش الدماميني عن شيخه السيد الصفوي ما نصه: تحقيق المقام أن العرب اعتبروا التخصيص لنكتة توجد في بعض المواضع وحكموا باطراد الحكم لتلك النكتة وإن لم يظهر أثرها في بعض المواضع. وعلى هذا