لا يذكر للعلم به، وسد العطف مسده، فإن لم تكن الواو للمصاحبة نصًّا كما في نحو زيد وعمرو مجتمعان لم يجب الحذف. قال الشاعر:
١٦٤- تمنوا الموت الذي يشعب الفتى ... وكل امرئ والموت يلتقيان
وزعم الكوفيون والأخفش أن نحو كل رجل وضيعته مستغن عن تقدير خبر لأن معناه مع ضيعته، فكما أنك لو جئت بمع موضع الواو إلى مزيد عليها وعلى ما يليها في حصول الفائدة، كذلك لا تحتاج إليه مع الواو ومصحوبها "وقبل حال لا يكون خبرا" أي ويجب حذف الخبر إذا وقع قبل حال لا تصلح خبرًا "عن" المبتدأ "الذي خبره
ــ
المعية كأن يقال: كل صانع وما صنع مخلوقان أفاده سم. قوله: "وما صنع" الأظهر أن ما مصدرية لأن الصنعة هي الملازمة للصانع لا المصنوع. قوله: "وضيعته" أي حرفته، وسميت ضيعة لأن صاحبها يضيع بتركها أو لأنها تضيع بتركها. فإن قلت: الضمير في ضيعته لا يصح عوده إلى كل إذ المعنى عليه كل رجل وضيعة كل رجل مقترنان وهو فاسد ولا إلى رجل إذ المعنى عليه كل رجل وضيعة رجل مقترنان وهو أيضًا فاسد. قلت: لما كانت كل نائبة عن أسماء كثيرة كان ضميرها أو ضمير مدخولها أيضًا كذلك ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحادًا فكأنه قيل زيد وضيعته مقترنان وعمر وضيعته مقترنان وهكذا.
قوله: "وسد العطف" اعترض بأن تقدير الخبر مقرونان فهو مثنى فهو خبر عن مجموع المتعاطفين فمحله بعد المعطوف فكيف يسد المعطوف مسده ولهذا قال الرضي: الظاهر أن الحذف غالب لا واجب. وأجاب سم بأن الخبر من حيث هو خبر المعطوف عليه محله قبل المعطوف فسد المعطوف مسد الخبر منن حيث هو خبر المعطوف عليه فوجب حذفه من هذه الجهة وإن لم يسد مسده من حيث هو خبره إذ لا يشترط لوجوب الحذف سد الشيء مسد المحذوف من كل وجه. قوله: "فإن لم تكن الواو للمصاحبة نصًا" أي ظهورًا بأن لم تكن للمصاحبة بالكلية بل لمجرد التشريك في الحكم نحو زيد وعمرو متباعدان أو للمصاحبة لا نصًا أي ظهورًا كما في بيت الشارح ومثاله، لأن ظهور المعية فيهما إنما جاء من مادة الخبر وأما الواو فتحتمل التشريك والمعية بدون ظهور المعية لأن الظاهرة فيها يصح الاكتفاء بها في إفادة المعية كما قاله الشنواني. قال ولو قيل كل امرىء والموت أي معه لم يكن كافيًا وبذلك التحقيق يعلم ما في كلام البعض فافهم. قوله: "لم يجب الحذف" بل يجوز إن دل دليل عليه. قوله: "يشعب" كيذهب أي يفرق. قوله: "مستغن عن تقدير خبر إلخ" رد بأن كون الواو بمعنى مع لا يستلزم كونها بمنزلتها لأن مع ظرف يصلح للإخبار به بخلاف الواو. زكريا. قوله: "وقبل حال" أي
١٦٤- البيت من الطويل، وهو لفرزدق في شرح التصريح ١/ ١٨٠؛ والمقاصد النحوية ١/ ٥٤٣؛ وليس في ديوانه وبلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ٢٢٤؛ وتخليص الشواهد ص٢١١؛ وخزانة الأدب ٦/ ٢٨٣.