١٦٥- غير اقتراني من المولى حليف رضا ... وشر بعدي عنه وهو غضبان
فإن قلت: فما المحوج إلى إضمار كان لتكون عاملة في الحال وما المانع أن يعمل فيها المصدر، فالجواب أنه لو كان العامل في الحال هو المصدر لكانت من صلته فلا تسد مسد خبره فيفتقر الأمر إلى تقدير خبر ليصح عمل المصدر في الحال فيكون التقدير ضربي العبد مسيئًا موجود وهو رأي كوفي. وذهب الأخفش إلى أن الخبر المحذوف مصدر مضاف إلى ضمير ذي الحال والتقدير ضربي العبد مسيئًا. واختاره في التسهيل، وفي منع الفراء وقوع هذه الحال فعلًا مضارًعا وأجازه سيبويه، ومنه قوله:
ــ
المصنف ونقل عن البصريين أيضًا فيجوز ضربي زيدًا هو قائم. قوله:"موقعه" أي موقع المنصوب. قوله:"حليف رضا" أي إذا كنت أو إذا وجدت حليف رضا قاله العيني، وبه يعرف أنه لا يتعين لفظ كان بل مثلها ما في معناها وأن الضمير الذي يفسره معمول المصدر قد يكون بارزًا عند تقدير الخبر وأن معمول المصدر صادق بما أضيف إليه المصدر ولو ضميرًا وإن لزم عليه كون المفسر والمفسر ضميرين لكن الظاهر عندي أنه يصح أن يكون التقدير إذ كان حليف رضا أي مصاحبًا للرضا بل هذا أنسب بقوله وهو غضبان لتعلق كل من الحالين حينئذٍ بالمولى فافهم، وحليف الرضا المحالف المعاقد على الرضا. قوله:"وهو غضبان" هذا هو الشاهد. قوله:"أن يعمل فيها المصدر" وذلك بأن تجعل حالًا من منصوب المصدر لأن العامل في صاحب الحال عامل فيها. قوله:"لكانت من صلته" أي متعلقاته فمحلها قبل الخبر فلا تسد مسده لما علمت من أن الشيء لا يسد مسد غيره إلا إذا كان في محله أفاده سم. قوله:"إلى تقدير خبر" أي بعد الحال، إذ لو قدر قبلها لم يصح عمل المصدر فيها للفصل بين المصدر ومعموله حينئذٍ كذا قيل، وفيه أن الفصل ليس بأجنبي لأن الخبر معمول للمبتدأ إلا أن يجعل كالأجنبي للخلاف في كونه معموله والمراد تقديره مع عدم ما يسد مسده وإلا فالخبر مقدر على كل حال.
قوله:"وهو رأي كوفي" أي إعمال المصدر في الحال وتقدير الخبر بعده رأي كوفي وهو معترض بفوات المعنى المقصود عليه من الحصر أي حصر الضرب مثلًا في كونه حال الإساءة، ولعل وجه إفادة نحو ضربي العبد مسيئًا للحصر مشابهة المصدر بإضافته المعرف بلام الجنس، والمعرف بلام الجنس منحصر في الخبر فكذا ما شابهه، وعلى كلامهم يكون الحذف جائزًا لا واجبًا لعدم سد شيء مسده. قوله:"إلى ضمير ذي الحال" الإضافة للبيان أن أريد ذو الحال الاصطلاحي الذي هو لفظ الضمير لأن صاحب الحال هنا اصطلاحًا الضمير وحقيقية أن أريد ذو الحال المعنوي الذي هو مدلول الضمير. قوله:"ضربه مسيئًا" بالحال حصل التغاير بين المبتدأ والخبر. قوله:"واختاره في التسهيل" وكذا ابن هشام في المغني لقلة المقدر عليه؛ لأن المقدر
١٦٥- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص٦٥٠؛ والدرر ٢/ ٣٠؛ والمقاصد النحوية ١/ ٥٧٩؛ وهمع الهوامع ١/ ١٠٧.