للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

١٧١- يداك يد خيرها يرتجى ... وأخرى لأعدائها غائظة

وإما حكمًا كقوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} [الحديد: ٢٠] ، واعترضه في التوضيح فمنع أن يكون النوع الثاني والثالث من باب تعدد الخبر بما حاصله أن قولهم: حلو حامض في معنى الخبر الواحد بدليل امتناع العطف وأن يتوسط بينهما مبتدأ، وأن نحو قوله:

١٧٢- يداك يد خيرها يرتجى

وأخرى لأعدائها غائظة في قوة مبتدأين لكل منهما خبر، وأن نحو: {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [الحديد: ٢٠] ، الثاني تابع لا خبر. قلت: وفي الاعتراض نظر أما ما قاله في الأول فليس بشيء إذ لم يصادم كلام الشارح بل هو عينه لأنه إنما جعله متعددًا في اللفظ دون المعنى وذكر له ضابطًا بأن لا يصدق الإخبار ببعضه عن المبتدأ كما قدمته فكيف يتجه الاعتراض عليه بما ذكر. وأما الثاني فهو أن كون يداك ونحوه في قوة مبتدأين لا ينافي كونه بحسب اللفظ مبتدأ واحدًا إذ النظر إلى كون المبتدأ واحدًا أو متعددًا إنما هو إلى لفظه لا إلى معناه وهو واضح لا خفاء فيه. وأما قوله في الثالث أن الثاني يكون تابعًا

ــ

لم يتصف كل من البنين بالأوصاف الثلاثة بل اختص كل بوصف فتعدد الخبر لتعدد المبتدأ. قوله: "يداك يدٌ إلخ" يد خبر المبتدأ وأخرى معطوف عليه وما بعد كل صفة له. قوله: "وأما حكمًا إلخ" إنما كان التعدد حكميًا في الآية لكون المبتدأ المفرد ذا أقسام فجعل في حكم الجمع الدال على الافراد. قوله: "إنما الحياة" أي حالها. قوله: "واعترضه" أي ما ذكر من النوعين الثاني والثالث والمفهوم من اعتراض الموضح قصر تعدد الخبر على تعدده لفظًا ومعنى مع اتحاد المبتدأ لفظًا ومعنى، وابن الناظم لا يقصره على ذلك. قوله: "وأن يتوسط بينهما مبتدأ" كما يمتنع توسط المبتدأ بينهما يمتنع تأخر المبتدأ عنهما فلا يجوز حلو حامض الرمان نقله صاحب البديع عن الأكثر كما في الهمع فقول البعض بعد عزوه إلى بعضهم ولا وجه له لا يسمع. قوله: "في قوة مبتدأين إلخ" إنما رد بهذا مع إمكان الرد بأن الثاني تابع كما فعل في الآية لأن هذا الذي ذكره يرفع تعدد الخبر معنى واصطلاحًا، بخلاف كونه تابعًا فإنه يرفع التعدد اصطلاحًا فقط أفاده الناصر.

قوله: "الثاني تابع" أي الثاني منه تابع فالرابط محذوف وإنما لم يرد بكون المبتدأ في قوة مبتدآت لتعدده حكمًا كما فعل فيما قبله مع أنه أقوى في رفع تعدد الخبر كما مر لأن تعدد


١٧١- البيت من المتقارب، وهو لطرفة بن العبد في ملحق ديوانه ص١٥٥؛ وشرح التصريح ١/ ١٨٢؛ والمقاصد النحوية ١/ ٧٥٢؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٧/ ١٧، ١٨؛ وأوضح المسالك ١/ ٢٢٨؛ وتخليص الشواهد ص٢١٢؛ وخزانة الأدب ١/ ١٣٣؛ ولسان العرب ٧/ ٤٥٤ "غيظ".
١٧٢- راجع التخريج رقم ١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>