للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتئ وانفك وهذي الأربعة ... لشبه نفي أو لنفي متبعه

ــ

بحسبه "زال" ما مضى يزال و"برحا" و"فتئ وانفك" ومعنى الأربعة ملازمة المخبر عنه على ما يقتضيه الحال نحو ما زال زيد ضاحكًا، وما برح عمرو أزرق العينين، وكل هذه الأفعال ما عدا الأربعة الأخيرة بلا شرط "وهذي الأربعة" الأخيرة لا تعمل إلا بشرط كونها "لشبه نفي" والمراد به النهي والدعاء "أو لنفي متبعه" سواء كان النفي لفظًا نحو ما زال زيد قائمًا {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: ١١٨] ، {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} [طه: ٩١] ، وقوله:

١٧٦- ليس ينفك ذا غنى واعتزاز ... كل ذي عفة مقل قنوع

أو تقديرًا نحو: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: ٨٥] ، وقوله:

ــ

مَصْرُوفًا عَنْهُم} [هود: ٨] ، فهي في هذا للمستقبل.

قوله: "لنفي الحال" أي لانتفاء الحدث في الحال ويرد عليه أنه فعل ماض وزمن الفعل الماضي ماض ويمكن أن يجاب بأن مخالفتها لسائر الأفعال في الدلالة على المضي عارض نشأ من شبهها الحرف في الجمود وفي المعنى. قوله: "ماضي يزال" احتراز عن زال ماضي يزيل بفتح أوله فإنه تام متعد بمعنى ماز، وعن زال ماضي يزول فإنه تام قاصر بمعنى انتقل وذهب، ومصدر الأول الزيل ومصدر الثاني الزوال ولا مصدر للناقصة ووزن الناقصة فعل بكسر العين ووزن غيرها فعل بفتحها كما في التصريح وغيره. قوله: "وفتيء" بتثليث التاء وأفتأ. همع. قوله: "ومعنى الأربعة" أي مع النفي. قوله: "على ما يقتضيه الحال" أي ملازمة جارية على ما يقتضيه الحال من الملازمة مدة قبول المخبر عنه للخبر سواء دام بدوامه نحو ما زال زيد أزرق العينين ما زال الله محسنًا أولًا نحو ما زال زيد ضاحكًا. قوله: "وهذي الأربعة" أي موادها، فاندفع ما قيل إن هذه الأربعة أفعال ماضية والنهي لا يدخل على الماضي. قوله: "إلا بشرط إلخ" لأن المقصود من الجملة الإثبات والأربعة متضمنة للنفي ونفي النفي إثبات. قوله: "والمراد به النهي والدعاء" ظاهر إطلاقه الدعاء عدم تقييده بلا وهو المتجه عندي وإن نقل المصرح عن الارتشاف تقييده بلا فيدخل صدر قول الشاعر:

لن تزالوا كذلكم ثم لازلـ ... ـت لكم خالدًا خلود الجبال

بناء على ورود لن للدعاء كما في البيت ووجه الشبه عدم تحقق حصول الفعل في كل قيل ومثلهما الاستفهام الإنكاري. قوله: "ليس ينفك إلخ" ليس إما مهملة وإما عاملة اسمها ضمير الشأن وجملة ينفك إلخ خبرها وكل اسم ينفك وذا غنى خبرها مقدمًا كما قاله زكريا وغيره ولا يصح أن يكون كل اسم ليس مؤخرًا لأن الكلام عليه من باب سلب العموم والقصد عموم السلب


١٧٦- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص٢٣٠، والدرر ٢/ ٤٣؛ وشرح التصريح ١/ ١٨٥، والمقاصد النحوية ٢/ ٧٣، وهمع الهوامع ١/ ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>