للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كأنها حربة. وقال بعضهم:

١٨٣- وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يحور رمادًا بعد إذ هو ساطع

وقال الله تعالى: {أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا} [يوسف: ٩٦] ، وقال امرؤ القيس:

١٨٤- وبدلت قرحا داميا بعد صحة ... فيا لك من نعمى تحولن أبؤسا

وفي الحديث: "لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا " وحكى سيبويه عن بعضهم ما جاءت حاجتك بالنصب والرفع بمعنى ما صارت، فالنصب على أن ما استفهامية مبتدأ، وفي جاءت ضمير يعود إلى ما، وأدخل التأنيث على ما لأنها هي

ــ

قعد لا يسأل حاجة إلا قضاها، وجعل منه الزمخشري قوله تعالى: {فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء: ٢٢] . قوله: "وبدلت" بالبناء للمجهول، قرحًا بفتح القاف وضمها أي جرحًا داميًا أي سائل الدم. والنعمى مثل النعمة وهي بضم النون مع القصر وبفتحها مع المد وجمع النعمة نعم كعنب وأنعم كأفلس وجمع النعماء أنعم أيضًا مثل البأساء والأبؤس كذا في المصباح. ومثله في القاموس. وزاد جمعين للنعماء بالفتح والمد وهما نعم ونعمات بكسرتين وقد تفتح العين. إذا تقرر ذلك عرفت أن النعمى في البيت بالضم لأنها فيه بالقصر ودعوى أن القصر للضرورة غير مسموعة، وعرفت أن النعمى بوجهيها مفردة لا جمع فعود ضمير الجماعة عليها في قوله تحوّلن أبؤسًا باعتبار الخبر أو باعتبار أن هذه النعمة التي هي الصحة بمنزلة نعم عديدة لأنها أم النعم. فقول البعض النعمى بفتح النون جمع نعمة فاسد. والأبؤس كأفلس جمع بأس قاله البعض كشيخنا وقد استفيد مما مر عن المصباح أنه يصح أن يكون جمع بأساء.

قوله: "تغدو خماصًا إلخ" في التمثيل به نظر لأن الظاهر أن الفعلين تامان بمعنى تذهب في الغدوة وترجع في الرواح أي المساء فانتصاب ما بعدهما على الحال. قوله: "وحكى سيبويه" غير الأسلوب لأنه نادر كما في التسهيل. قوله: "ما جاءت حاجتك" ذكر الدماميني أن الأندلسي قال: جاء لا تستعمل بمعنى صار إلا في خصوص هذا التركيب فلا يقال: جاء زيد قائمًا بمعنى صار وأن ابن الحاجب طرده في غيره وجعل منه جاء البر قفيزين ونقل هذا السيوطي في الهمع عن قوم. قوله: "وأدخل التأنيث على ما" أي أوقعه على ضمير ما أنث ضمير ما أو المراد أدخل علامة التأنيث على الفعل المسند إلى ضمير ما.


١٨٣- البيت من الطويل، وهو للبيد في ديوانه ص١٦٩؛ وحماسة البحتري ص٨٤، والدرر ٢/ ٥٣؛ ولسان العرب ٤/ ٢١٧ "حور".
١٨٤- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص١٠٧؛ وخزانة الأدب ١/ ٣٣١؛ والدرر ٢/ ٥٤؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٩٥، ولسان العرب ١١/ ٤٧٤ "علل"، وبلا نسبة في مغني اللبيب ١/ ٢٨٨؛ وهمع الهوامع ١/ ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>