للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغير ماض مثله قد عملا ... إن كان غير الماض منه استعملا


١٨٨- أمست خلاء وأمسى أهلها واحتملوا ... أخنى عليها الذي أخنى على لبد
قال في شرح الكافية: وزعم الزمخشري أن بات ترد أيضًا بمعنى صار، ولا حجة له على ذلك ولا لمن وافقه "وغير ماض" وهو المضارع والأمر واسم الفاعل والمصدر "مثله" أي مثل الماضي "قد عملا" العمل المذكور "إن كان غير الماض منه استعملا" يعني أن ما تصرف من هذه الأفعال يعمل غير الماضي منه عمال الماضي. وهي في ذلك على ثلاثة أقسام قسم لا يتصرف بحال وهو ليس باتفاق ودام على الصحيح، وقسم يتصرف تصرفًا ناقصًا وهو زال وأخوتها، فإنه لا يستعمل منها الأمر ولا المصدر، وقسم يتصرف تصرفًا تامًّا وهو باقيا فالمضارع نحو: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [مريم: ٢٠] ، والأمر نحو: {قُلْ كُونُوا
ــ
"أمست خلاء" الشاهد في هذا فقط لا في الثاني لكون الخبر فيه ماضيًا وصار وما بمعناها لا يكون خبرهما ماضيًا كما مر، وأخنى عليها أهلكها، ولبد كعنب نسر عمر طويلًا. قوله: "وهو المضارع إلخ" يشعر بأنه لا يجيء منها اسم مفعول وهو كذلك على الصحيح. وأما قول سيبويه مكوّن فيه فقال في شرح اللمحة أن أبا الفتح سأل أبا علي عنه فقال: ما كل داء يعالجه الطبيب.
قوله: "مثله" حال من فاعل عمل مقدّمة على عامله لتصرفه أو نعت لمفعول مطلق محذوف أي عملًا مثل عمل الماضي ويشكل على كل منهما ما ذكره بعضهم من منع تقدم معمول الفعل المقرون بقد عليه فلعله غير متفق عليه. قوله: "وهي" أي هذه الأفعال في ذلك أي التصرف ثبوتًا مع التمام أو النقصان والانتقاء. قوله: "ودام على الصحيح" مقابله ما قاله الأقدمون وقليل من المتأخرين أن لها مضارعًا وهو يدوم فهي متصرفة عندهم تصرفًا ناقصًا ذكره في التوضيح وشرحه، قالوا: ولا يرد على القول الصحيح يدوم ودم ودائم ودوام لأنها من تصرفات دوام التامة. ولي بالأقدمين ومن وافقهم أسوة لعدم ظهور الفرق بين قولك: لا أكلمك ما دمت عاصيًا وقولك: لا أكلمك ما تدوم عاصيًا، بل الصحيح عندي أن لها مصدرًا أيضًا بدليل أنهم شرطوا سبق ما المصدرية الظرفية عليها ومن المعلوم أن ما المصدرية تؤوّل مع ما بعدها بمصدر وأن هذا المصدر مصدرها، وقد وقع هذا المصدر في عبارات كثيرين كالشارح عند قول المصنف كأعط إلخ فلا يقال: إنها مع ما بعدها في تأويل مصدر مقدر لا موجود. والحكم عليهم بأن ذلك منهم اختراع لما لم يرد عن العرب جور وسوء ظن. فإذا قلت أحبك مدة دوامك صالحًا كان دوام مصدر الناقصة وصالحًا خبره مثل أحبك ما دمت صالحًا والفرق تحكم محض فتدبر. قوله: "تصرفًا تامًّا" المراد التمام النسبي إذا لم يجىء لها اسم مفعول.
قوله: "ولم أك بغيًا" أصل أك أكون حذفت ضمته للجازم وواوه لالتقاء الساكنين ونونه

<<  <  ج: ص:  >  >>