ونوع الحرف فهو من تقسيم الكلي إلى جزئياته لأن المقسم وهو الكلمة صادق على كل واحد من الأقسام الثلاثة أعني الاسم والفعل والحرف. وليس الكلم منقسمًا إليها باعتبار ذاته لأنه لا جائز حينئذ أن يكون من تقسيم الكل إلى أجزائه؛ لأن الكلم ليس مخصوصًا بهذه الثلاثة بل هو مقول على كل ثلاث كلمات فصاعدًا، ولا من تقسيم الكلي إلى جزئياته وهو ظاهر. ودليل انحصار الكلمة في الثلاثة أن الكلمة إما أن تصلح ركنًا للإسناد أولًا الثاني الحرف، والأول إما أن يقبل الإسناد بطرفيه أو بطرف الأول الاسم والثاني
ــ
وتقسيم الكلي إلى جزئياته ضم قيود إلى أمر مشترك لتحصل أمور متعددة بعدد القيود. والتقسيم حقيقي إن تباينت أقسامه وإلا فاعتباري. قوله:"ليس مخصوصا بهذه الثلاثة" أي باجتماعها أي لتحققه بدون اجتماعها نحو زيد أبوه قائم والباء داخلة على المقصور عليه. وقوله بل هو مقول على كل ثلاث كلمات فصاعدا أي وإن كانت من نوع الاسم فقط، أو من نوع الاسم والفعل فقط، أو الحرف فقط، والظاهر من كلامهم أن المراد بالكلمات في الكلم الكلمات الاصطلاحية فلا يطلق الكلم على ما تركب من ثلاثة ألفاظ مهملة كلها أو بعضها. ويمكن اختيار كونه من تقسيم الكل إلى أجزائه ويكون جعل الثلاثة أجزاءه باعتبار تركبه من مجموعها وإن لم يتركب من جميعها. قوله:"وهو ظاهر" للزوم تحقق الكلم في الاسم الواحد والفعل الواحد والحرف الواحد مع أنه باطل. قوله:"ودليل انحصار إلخ" أخذ الانحصار من تقديم الخبر في قوله واسم إلخ وإنما يتم هذا الدليل بمعونة الاستقراء وإلا فيمكن أن يقال: لا نسلم أن ما لا يصلح ركنا للإسناد هو الحرف فقط، وما يقبله بطرفيه هو الاسم فقط، وما يقبله بطرف هو الفعل فقط.
قوله:"أن الكلمة" أظهر مع تقدم المرجع لئلا يتوهم عود الضمير إلى الثلاثة. قوله:"إما أن تصلح إلخ" إما حرف تفصيل وأن تصلح في تأويل مصدر خبر أن على تقدير مضاف أي ذات صلوح، أو تأويل المصدر باسم الفاعل أي صالحة لأن الكلمة ليست الصلوح. وهذا أحسن من تقدير مضاف قبل اسم إن أي حال الكلمة لأنه المناسب للمقام، إذ الكلام في تقسيم نفس الكلمة لا في تقسيم حالها، ولأنه في وقت الحاجة لا قبلها، ولأن التقدير قبل اسم أن يحتاج معه في صحة قوله الثاني الحرف إلى تقدير أي ذات الثاني الحرف أو الثاني حال الحرف ولأن الحصر لا يصح عليه لأن حال الكلمة لا ينحصر في الصلوح وعدمه. وفرق السيد بين صريح المصدر وأن والفعل حيث قال: من رجع إلى المعنى يعرف أن الأول لا يرتبط بالذات من غير تقدير أو تأويل بخلاف الثاني. قال شيخنا السيد: ويؤيده صحة عسى زيد أن يقوم دون عسى زيد قياما. وسيأتي لهذا مزيد بيان في آخر الموصول. قوله:"أو بطرف" ليس المراد الطرف الدائر الصادق بأن تكون الكلمة مسندة وبأن تكون مسندا إليها بل الطرف المعين وهو أن تكون الكلمة مسندة بقرينة قوله والثاني الفعل. قوله:"الأول الاسم" أورد عليه أن من الأسماء ما لا يقبله أصلا كالظروف التي لا تتصرف، وما لا يقع إلا مسندا كأسماء الأفعال، وما لا يقع إلا مسندا إليه