ولا يلي العامل معمول الخبر ... إلا إذا ظرفا أتى أو حرف جر
ــ
متعد معناه ماز، يقولون: زل ضأنك عن معزك أي مز بعضها من بعض، ومصدره الزيل، ومن ماضي يزول فإنه فعل تام قاصر معناه الانتقال، ومنه قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا}[فاطر: ٤١] ، ومصدره الزوال. الثاني إذا قلت: كان زيد قائمًا جاز أن تكون كان ناقصة فقائما خبرها، وأن تكون تامة فيكون حالا من فاعلها وإذا قلت كان زيد أخاك وجب أن تكون ناقصة لامتناع وقوع الحال معرفة "ولا يلي العامل" أي كان وأخوتها "معمول الخبر" مطلقًا عند جمهور البصريين سواء تقدم الخبر على الاسم نحو كان طعامك آكلًا زيد خلافًا لابن السراج والفارسي وابن عصفور، أم لم يتقدم نحو كان طعامك زيد آكلًا، وأجازه الكوفيون مطلقًا تمسكا بقوله:
١٩٨- قنافذ هداجون حول بيوتهم ... بما كان إياهم عطية عودا
ــ
يزيل لم يرد مضارعًا لزال الناقصة أما على ما حكاه الكسائي والفراء من وروده مضارعًا لها وأنهم يقولون لا أزيل أفعل كذا فينبغي أن يقال: زال لا بمعنى ماز ولا بمعنى انتقل قاله الدماميني. قوله:"وجب أن تكون ناقصة" أي ما لم تكن بمعنى كفل. قوله:"ولا يلي العامل إلخ" للفصل بين العامل ومعموله بمعمول غيره. قاله في التصريح قال سم: ويفهم منه جواز نحو زيد كان طعامك آكلًا وبه صرح الدماميني لأن الاسم مستتر وهو سابق على معمول الخير فلا فصل. ا. هـ. واعلم أن مثل هذا التقديم ممنوع في غير هذا الباب كمنعه فيه فلو قيل جاء عمرًا يضرب زيد لم يجز لأن سبب المنع إيلاء الفعل معمول غيره فلا يختص بفعل دون فعل، نقله يس عن المصنف. وزيد في مثاله فاعل جاء وفاعل يضرب ضمير مستتر فيه يرجع إلى زيد.
قوله:"سواء تقدم الخبر على الاسم" أي وتقدم المعمول أيضًا على الخبر كما مثل أما إذا تقدم الخبر عليه فإنه يجوز إجماعًا نحو كان آكلًا طعامك زيد وكذا يجوز تقدمه على العامل نحو: {وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُون}[الأعراف: ١٧٧] ، واعلم أن نحو زيد آكلًا طعامك يتحصل فيه أربع وعشرون صورة حاصلة من ضرب ستة في أربعة، لأن التركيب مشتمل على أربعة ألفاظ، وفي تقدم كل واحد منها ستة أوجه حاصلة من التخالف في الألفاظ الثلاثة بعده: مثلًا إذا تقدمت كان فإن ذكر بعده زيد فإما أن يتقدم الخبر أو معموله، وإن ذكر بعده آكلًا فإما أن يتقدم الاسم أو المعمول، وإن ذكر بعده طعامك فإما أن يتقدم الاسم أو الخبر وقس على ذلك، وكلها جائزة عند البصريين إلا كان طعامك زيد آكلًا وكان طعامك آكلًا زيد وآكلًا كان طعامك زيد كما يؤخذ من كلام الناظم. قوله:"قنافذ إلخ" قاله الفرزدق يهجو رهط جرير بالفجور والخيانة
١٩٨- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه ١/ ١٨١؛ وتخليص الشواهد ص٢٤٥؛ وخزانة الأدب ٩/ ٢٦٨، ٢٦٩؛ والدرر ٢/ ٧١؛ وشرح التصريح ١/ ١٩٠؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٢٤؛ والمقتضب ٤/ ١٠١؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ٢٤٨؛ وشرح ابن عقيل ص١٤٤؛ ومغني اللبيب ٢/ ٦١٠؛ وهمع الهوامع ١/ ١١٨.