تنبيه: ثم في قوله ثم حرف بمعنى الواو إذ لا معنى للتراخي بين الأقسام. ويكفي في الأشعار بانحطاط درجة الحرف عن قسيمية ترتيب الناظم لها في الذكر على حسب ترتيبها في الشرف ووقوعه طرفًا. واعلم أن الكلم اسم جنس على المختار. وقيل: جمع
ــ
واسم لأن يا نائية عن أدعو وهو فعل واسم وأما المنادى فهو فضلة زائدة على حقيقة الكلام لا منها حتى يقال إن يا زيد مركب من فعل واسمين لا من الثاني. فإن قلت قد أسلفت أن ظاهر قوله وأقل ما يكون إلخ أن الكلام يتركب من أكثر من اسمين أو اسم وفعل ومقتضاه عد المنادى من أجزاء حقيقة الكلام فيكون منافيا لقوله هنا فإنه من الثاني، قلت: لعله يشترط في الأكثر الذي يتألف منه الكلام أن تتوقف عليه الإفادة نحو زيد أبوه قائم وإن قام زيد قمت فلا يلزم عد المنادى من الأجزاء حتى ينافي ما سلف لعدم توقف إفادة أدعو على ذكر المدعو، ثم لا يلزم من نيابة لفظ عن لفظ أن يعطى جميع أحكامه حتى يرد أن النداء إنشاء وأدعو إخبار، على أنه لا مانع من أن يقال إنما نابت يا عن أدعو بعد نقله إلى الإنشاء فتأمل. وأورد أيضا ألا ماء لأنه كلام مركب من حرف واسم لأن ألا التي للتمني لا خبر لها لا ظاهرا ولا مقدرا، ويمكن دفعه بما قيل في يا زيد.
قوله:"ثم في قوله ثم حرف بمعنى الواو" قال الدماميني في قول المغني الباب الثاني من الكتاب في تفسير الجملة وذكر أقسامها وأحكامها ما نصه: الباب مبتدأ والثاني صفة له وفي تفسير الجملة خبر، ومن الكتاب إما حال من الضمير المستكن في الخبر ولا يضر هنا تقديم الحال على عاملها المعنوي لأنها ظرف. وقد صرح ابن برهان بجوازه لتوسعهم في الظروف وإما حال من المبتدأ على حد ما أجاز سيبويه في قول الشاعر:
لمية موحشا طلل
إذ صاحب الحال عنده هو النكرة وهو عنده مرفوع بالابتداء وليس فاعلا للظرف كما يقول الأخفش والكوفيون والناصب للحال الاستقرار الذي تعلق به الظرف فكذا أما نحن فيه، وغاية ما يلزم كون العامل في الحال غير العامل في صاحبها وهذا ليس بمحذور عنده، وأما صفة للمبتدأ بأن يقدر متعلقه معرفة أي الباب الثاني الكائن من الكتاب على القول بجواز حذف الموصول مع بعض صلته. وقد اعتمد هذه الطريقة كثير من الأعاجم المتأخرين. ا. هـ. وما ذكره في قول المعنى من الكتاب يأتي مثله في قول الشارح في قوله ثم حرف. قوله:"إذ لا معنى للتراخي بين الأقسام" فيه أن هذا من حيث الانقسام لا من حيث ذواتها فإن بين الأقسام التراخي الرتبي من حيث ذواتها فتكون ثم للتراخي الرتبي بينها من حيث ذواتها. وقوله: يكفي في الأشعار إلخ فيه أن ثم أدل على ذلك لأن المتأخر ذكرا قد يكون أشرف كما في آية: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّة}[الحشر: ٢٠] فالأولى إبقاء ثم على حالها وجعلها للتراخي الرتبي بين الأقسام من حيث ذواتها لا من حيث الانقسام. قوله:"أن الكلم اسم جنس على المختار" أي لدلالته وضعا على الماهية من حيث هي. وللبهوتي اعتراض بتنافي كلام الشارح نقله البعض وأقره، وقد