المذكور أما لات فأثبت سيبويه والجمهور عملها، ونقل منعه عن الأخفش. وأما إن فأجاز إعمالها الكسائي وأكثر الكوفيين وطائفة من البصريين، ومنعه جمهور البصريين. واختلف النفل عن سيبويه والمبرد، والصحيح الإعمال فقد سمع ثنرًا ونظمًا، فمن النثر قولهم: إن أحد خيرًا من أحد إلا بالعافية. وجعل منه ابن جني قراءة سعيد بن جبير:{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ}[الأعراب: ١٩٤] ، على أن إن نافية رفعت الذين ونصبت عبادًا أمثالكم خبرًا ونعتًا. والمعنى ليس الأصنام الذين تدعون من دون الله عبادًا أمثالكم في الاتصاف بالعقل، فلو كانوا أمثالكم وعبدتموهم لكنتم بذلك مخطئين ضالين، فكيف حالكم في عبادة من هو دونكم بعدم الحياة والإدراك؟ ومن النظم قوله:
٢٣٦- إن هو مستوليا على أحد ... إلا على أضعف المجانين
ــ
وحده ومنصوب وحده فهذا مراده بالعمل المجمع عليه وهذا لا ينافي اختلاف النحاة في ذلك الموجود هل هو معمول لها أولا.
قوله:"ذا العملا" اسم الإشارة راجع إلى عمل ليس في قوله أعمال ليس لا إلى عمل لا في قوله في النكرات إلخ كما ظنه سم لكونه أقرب فاعترض وتبعه البعض بإشعار كلامه باشتراط التنكير مع لات وإن وهو غير مسلم في أن لأنها تعمل في المعارف والنكرات بل قيل: باشتراط المعرفة. قوله:"ونقل منعه عن الأخفش" وعليه فالمرفوع الذي يليها مبتدأ حذف خبره والمنصوب الذي يليها مفعول لفعل محذوف تقديره أرى مثلًا أفاده في التصريح. قوله:"ومنعه جمهور البصريين" ومما يتخرج عليه قول بعضهم إن قائم بتشديد النون أصله إن أنا قائم حذفت همزة أنا اعتباطًا وأدغمت النون في النون وحذفت ألفها للوصل، ومثل هذا في {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي}[الكهف: ٣٨] فأصله لكن أنا ففعل فيه ما مر وسمع إن قائمًا على الإعمال أفاده المغني. قال الدماميني قرأ ابن عامر لكنا بإثبات ألف أنا وصلا ووقفا تعويضًا بالألف عن الهمزة المحذوفة وغيره بإثباتها وقفًا فقط على الأصل. ا. هـ. وانظر لم لم ترسم إن قائم بألف عقب النون مع أنه القياس لثبوتها وقفًا ولعله لدفع التباس إن خطأ بأنا التي هي ضمير رفع منفصل وإعراب. {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي}[الكهف: ٣٨] ، لكن حرف استدراك أنا مبتدأ أول خبره الجملة بعده ورابطها ياء المتكلم وهو ضمير الشأن مبتدأ ثان خبره الجملة بعده ولا تحتاج لرابط لأنها عين المبتدأ والله مبتدأ ثالث خبره ربي. وهذه الآية مما اجتمع فيه الجملة الكبرى فقط والصغرى فقط والكبرى والصغرى باعتبارين.
قوله:"قراءة سعيد إلخ" خرجها بعضهم على أن إن مخففة من الثقيلة ناصبة للجزأين لتتوافق القراءتان إثباتًا وهو تخريج على شاذ لأن نصبها الجزأين شاذ. قوله:"خبرًا ونعتًا" على
٢٣٦- البيت من المنسرح، وهو بلا نسبة في الأزهية ص٤٦؛ وأوضح المسالك ١/ ٢٩١؛ وتخليص الشواهد ص٣٠٦؛ والجني الداني ص٢٠٩٨؛ وجواهر الأدب ص٢٠٦؛ وخزانة الأدب ٤/ ١٦٥٦؛ والدرر ٢/ ١٠٨؛ ورصف المباني ص١٠٨؛ وشرح التصريح ١/ ٢٠١؛ وشرح شذور الذهب ص٣٦٠؛ وشرح ابن عقيل ص١٦٠؛ وشرح عمدة الحافظ ص٢١٦؛ والمقاصد النحوية ٢/ ١١٣؛ والمقرب ١/ ١٠٥؛ وهمع الهوامع ١/ ١٢٥.