هذه اللام أن تدخل على أول الكلام لأن لها الصدر، لكن لما كانت للتأكيد وإن للتأكيد كرهوا الجمع بين حرفين لمعنى واحد فزحلقوا اللام إلى الخبر.
تنبيه: اقتضى كلامه أنها لا تصحب خير غير إن المكسورة وهو كذلك، وما ورد من ذلك يحكم فيه بزيادتها، فمن ذلك قراءة بعض السلف:{إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ}[الفرقان: ٢٠] ، بفتح الهمزة وأجازه المبرد، وما حكاه الكوفيون من قوله:
ــ
"وكان حق هذه اللام إلخ" أي كما أن حق إن وأخواتها ذلك لأن لها أيضًا الصدارة إلا أن هذا لم يكن مانعًا من تقدم لام الابتداء بحسب الأصل لجواز أن يكون تقدمها كتقدم حرب العطف وألا الاستفتاحية لا يفوت صدارة ما بعدها فاندفع اعتراض البعض على قوله لأن لها الصدر بأنه قد يعارض بأن إن وأخواتها لها أيضًا الصدر. قوله:"بين حرفين لمعنى واحد" أورد عليه أمران: الأول هلا جمع بينهما على طريق التأكيد اللفظي وأجاب سم بأن التأكيد اللفظي إعادة اللفظ بعينه أو مرادفه وذلك مفقود هنا وفيه نظر وإن أقره شيخنا والبعض وغيرهما لوجود الترادف لاتحاد المعنى كما صرح به الشارح وقد عدوا من التوكيد اللفظي بالمرادف في الحروف قول الشاعر:
وقلن على الفردوس أول مشرب ... نعم جير إن كانت أبيحت دعائره
وسيأتي هذا للشارح في باب التوكيد فافهم. الثاني أنهم جمعوا بينهما في لهنك قائم بإبدال الهمزة هاء سواء قيل إن اللام للقسم أو للابتداء. لأن كلًا منهما لتأكيد النسبة كان وهن وأيضًا اجتمع حرفا تأكيد في لقد قام زيد فإن قد لتحقيق النسبة وهو التأكيد وحرفا تنبيه في ألا يا ليتك تقوم، وقد يدفع إيراد لهنك بأن الاجتماع سهله زوال صورة ما له الصدر بإبدال همزته هاء كما في الروداني. قوله:"فزحلقوا اللام" بالقاف والفاء، أي أخروا ولم يزحلقوا إن لأنها قويت بالعمل وحق العامل التقدم، وإنما ادعى أن الأصل في إن زيدًا لقائم لأن زيدًا قائم ولم يدع أن الأصل إن لزيدًا قائم لئلا يفصل بين إن ومعموليها معًا بما له صدر الكلام، ولنطقهم باللام مقدمة على أن في قولهم لهنك ولأن صدارتها بالنسبة لما قبل إن دون ما بعدها، دليل الأول أنها تمنع من تسلط فعل القلب على إن ومعموليها ولهذا كسرت في نحو:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُه}[المنافقون: ١] ، ودليل الثاني أن عمل أن يتخطاها تقول إن في الدار لزيدًا وإن زيدًا لقائم وأن عمل العامل بعدها يتخطاها تقول إن زيدًا طعامك لآكل كذا في المغني.
قوله:"اقتضى كلامه" لتقديمه الظرف. قوله:"لا تصحب خبر غير إن المكسورة" إنما لم تدخل اللام على خبر غيرها لأنها تدخل على الجملة ولا تغير معناها ولا حكمها بخلاف أخواتها فليت تحدث في الخبر التمني ولعل الترجي وكأن التشبيه ولكن تصير الجملة لا تستعمل إلا بعد كلام وأن المفتوحة تصير جملة في تأويل المصدر قاله يس. قوله:"بزيادتها" أي مع كونها مفيدة للتأكيد فالمنسلخ عنها كونها لام الابتداء فقط. قوله:"بفتح الهمزة" أي شذوذًا فلا يشكل بما