وهو من باب تسمية الشيء باسم بعضه كتسميتهم ربيئة القوم عينًا والبيت من الشعر قافية. وقد يسمون القصيدة قافية لاشتمالها عليها وهو مجاز مهمل في عرف النحاة.
ــ
قال له عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في مدة خلافته: يا لبيد أنشدني شيئا من شعرك، فقال: ما كنت لأقول الشعر بعد أن علمني الله البقرة وآل عمران فزاده عمر في عطائه خمسمائة درهم وقيل: بل قال في الإسلام هذا البيت:
ما عاتب المرء الكريم كنفسه ... والمرء يصلحه القرين الصالح
وقيل بل هذا البيت:
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي ... حتى اكتسيت من الإسلام سربالا
قوله:"ألا كل شيء ما خلا الله باطل" أي ذاهب فان. أي جائز عليه ذلك فلا يرد نحو الجنة والنار والأرواح. والظاهر من إيراد العلماء هذا الشطر فقط أنه الواقع في الحديث والخبر عن أصدق دون تمام البيت وهو:
وكل نعيم لا محالة زائل
واعترض بأن نعيم الجنة لا يزول، وأجيب بأنه قاله قبل إسلامه وكان يعتقد أن لا جنة أو لا دوام لها، وبأن المراد جائز عليه الزوال وبأن المراد هنا نعيم الدنيا لأن سياق القصيدة لذم الدنيا، وقوله: لا محالة -بفتح الميم- أي لا بد وقيل: لا حيلة. قوله:"وهو" أي الإطلاق المذكور من باب إلخ أي فيكون مجازا مرسلا من إطلاق اسم الجزء على الكل، واعترضه شيخنا السيد بأن السعد نص على أنه يجب أن يكون الجزء الذي يطلق اسمه على الكل له من بين الأجزاء مزيد اختصاص بالمعنى الذي قصد بالكل، فلا يجوّز إطلاق اليد أو الأصبع على الربيئة والأمر هنا ليس كذلك، قال: إلا أن يحمل كلام السعد على الجزء الخاص وما هنا جزء عام لأن الكلمة تعم سائر أجزاء الكلام هذا. ويصح أن يكون من باب الاستعارة لأن الكلام لما ارتبط بعضه ببعض وحصلت له بذلك وحدة أشبه الكلمة. قوله:"ربيئة القوم" كذا في بعض النسخ بالموحدة فتحتية ساكنة فهمز وفي بعضها بالهمز فالتحتية المشددة وهو من يجلس على مكان عال لينظر القوم. قوله:"والبيت من الشعر قافية" لأنها أشرف أجزائه. قوله:"وقد يسمون القصيدة إلخ" من ذلك قول معن بن أوس في ابن أخته:
أعلمه الرماية كل يوم ... فلما استد ساعده رَماني
وكم علمته نظم القوافي ... فلما قال قافية هجاني
واستد بالسين المهملة أي قوي كما في شيخ الإسلام، قوله:"وهو مجاز مهمل في عرف النحاة" أي أنهم لا يستعملون الكلمة بمعنى الكلام أصلا. ومن هنا اعترض على المصنف في ذكره حتى قيل إنه من أمراض الألفية التي لا دواء لها. وقد أطال سم في دفعه بما حاصله أن إهمال المعنى