والثان منهما كثاني اثني كسا ... فهو به في كل حكم ذو ائتسا
وكأرى السابق نبا أخبرا ... حدث أنبأ كذاك خبرا
ــ
"فلاثنين به" أي بالهمز "توصلا" لما عرفت، فتقول: أريت زيدًا الهلال، وأعلمته الخبر "والثان منهما" أي من هذين المفعولين "كثاني اثني" مفعولي "كسا" وبابه من كل فعل يتعدى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر نحو كسوت زيدًا جبة وأعطيته درهمًا "فهو" أي الثاني من هذين المفعولين "به" أي بالثاني من مفعولي باب كسا "في كل حكم ذو ائتسا" أي ذو اقتداء، فيمتنع أن يخبر به عن الأول، ويجوز الاقتصار عليه وعلى الأول ويمتنع الإلغاء. نعم يستثنى من إطلاقه التعليق، فإن أعلم وأرى هذين يعلقان عن الثاني لأن أعلم قلبية وأرى إن كانت بصرية هي ملحقة بالقلبية في ذلك ومن تعليق أرى عن الثاني قوله تعالى:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى}[البقرة: ٢٦٠] ، "وكأرى السابق"
ــ
أحدهما فقط اختصارا على الخلاف. قوله:"فلاثنين به توصلا" اعترض بأن المسموع تعدية علم بمعنى عرف إلى اثنين بالتضعيف نحو: {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}[البقرة: ٣١] ، لا بالهمزة. وأجيب بأن في كلام الشاطبي دلالة على سماع تعديتها بالهمزة إلى اثنين، ولو سلم عدم السماع فالقياس على نحو ألبست زيدا جبة جائز. وتوصلا إما ماض مبني للمجهول أو فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف ويرجح هذا وجود الفاء بدون احتياج إلى تقدير قد عقبها بخلاف الأول. قوله:"لما عرفت" أي في أول الباب. قوله:"اثني مفعولي" الإضافة بيانية. قوله:"فهو به إلخ" أتى به دفعا لما قد يتوهم من أن التشبيه في بعض الأحكام فقط لكن لو قال بدل هذا الشطر:
ومن يعلق ههنا فما أسا
لكان أحسن كما ستعرفه. قوله:"في كل حكم ذو ائتسا" منه عدم صحة كونه جملة كالمشبه به وكأن هذا حكمة اقتصار الناظم على الثاني لأنه لو شبه المفعولين لمفعولي كسا لتوهم أنه من تشبيه المجموع بالجميع وأنه في غير امتناع كون الثاني جملة بدليل أن الأول لا يكون جملة قاله سم. قوله:"ويجوز الاقتصار عليه وعلى الأول" ويجوز حذفهما معا كما في التصريح وغيره. قوله:"ويمتنع الإلغاء" تقول زيدا الهلال أريت وزيدا الكتابة أعلمت بالاعمال وجوبا، كما تقول: زيدا درهما أعطيت. وإنما امتنع الإلغاء لامتناع الأخبار بالثاني عن الأول. قوله:"ومن تعليق أرى عن الثاني" أي بناء على أن الرؤية هنا بصرية وهو الظاهر، وقيل علمية فلا شاهد فيها لما نحن بصدده وفي التمثيل بالآية لتعليق الفعل بحث لاحتمال أن تكون كيف بمعنى الكيفية لأن كيف تستعمل اسما معربا مجردا عن الاستفهام بمعنى كيفية كما قيل به في قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ}[الفجر: ٦] ، ويكون مضافا إلى الفعل بعده بتأويله بالمصدر كما في يوم ينفع فالمعنى أرني كيفية إحيائك الموتى، فظهر أن أرني كيفية إحيائك تفسير لكيف برديفه لا تأويله بالمصدر وإن سبك جملة تحيي بإحياء لكونها مضافا إليها أفاده الروداني وتقرير