بذلك لأنه لحق الاسم ليدل على شدة تمكنه في باب الاسمية أي أنه لم يشبه الحرف فيبني ولا الفعل فيمنع من الصرف، والثاني تنوين التنكير وهو اللاحق لبعض المبنيات في حالة تنكيره ليدل على التنكير، تقول سيبويه بغير تنوين إذا أردت معينًا، وإيه بغير تنوين إذا استزدت مخاطبك من حديث معين فإذا أردت غير معين قلت سيبويه وإيه بالتنوين، والثالث
ــ
دفعًا لتوهم أن التنوين عوض عن الياء المحذوفة لفساده بثبوت التنوين مع الياء في النصب. قوله:"لأنه لحق إلخ" هذا التعليل أنسب بالاسم الأول. قوله:"أي أنه" بيان للشدة. قوله:"فيبني" منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد فاء السببية في جواب النفي. قوله:"لبعض المبنيات" يعني العلم المختوم بويه قياسًا واسم الصوت سماعًا كما في التصريح. ولم يعين البعض بصريح العبارة اتكالًا على ظهور المراد. فلم تدخل هؤلاء في البعض حتى يرد أن تنوينها ليس للتنكير. قوله:"تقول سيبويه بغير تنوين إذا أردت معينًا" أي فهو حينئذٍ معرفة بالعلمية.
قوله:"وإيه بغير تنوين إذا استزدت مخاطبك من حديث معين" قال في التصريح فهو معرفة من قبيل المعرف بأل العهدية أي الحديث المعهود كذا قالوا، وهو مبني على أن مدلول اسم الفعل المصدر، وأما على القول بأن مدلوله الفعل فلا لأن جميع الأفعال نكرات. ا. هـ. وقوله: أي الحديث المعهود المناسب أي الزيادة المعهودة أي التي هي من حديث معين، وقوله: المصدر أي مدلوله وهو الحدث كما عبر به غيره. وقال محشيه الروداني قوله لأن جميع الأفعال نكرات فيه أنه اسم للفظ الفعل لا لمعناه الذي هو نكرة حتى يكون نكرة بل مسماه لفظ مخصوص فلا يشك في أنه علم له. ا. هـ. أي علم شخصي لما أسلفناه عن العصام أن اللفظ لا يتعدد بتعدد التلفظ، والتعدد بتعدده تدقيق فلسفي لا يعتبره أرباب العربية، وعبارة الشارح صالحة لحملها على هذا القول أيضًا. ولا يخفى أن ما ذكر من علمية اسم الفعل جار في المنوّن وغيره لأنه على كلا الحالين اسم للفظ المخصوص كما مر فكيف جعل المنوّن نكرة على القول بأنه اسم للفظ الفعل، ويظهر لي في التخلص عن ذلك أن المنوّن اسم للفظ الفعل المراد به أي فرد من أفراد حدثه، وغير المنوّن اسم للفظ الفعل المراد به فرد مخصوص من أفراد حدثه: فإيه مثلًا غير منوّن اسم للفظ زد المراد به طلب الزيادة من حديث معين، وإيه منوّنًا اسم للفظ زد المراد به طلب الزيادة من أي حديث، وأن معنى كون الثاني نكرة أنه في حكم النكرة ومشبه لها. وإنما لم يعتبروا التعريف والتنكير في الفعل بالطريق الذي اعتبروا به التعريف والتنكير في اسم الفعل لأنه لا ضرورة تدعو إلى مثل ذلك في الفعل بخلاف اسم الفعل فإنه من جملة الأسماء فأجروه مجراها. ويعتبر مثل ذلك في اسم الصوت فغاق بلا تنوين لحكاية صوت لغراب مخصوص وبالتنوين لحكاية صوت الغراب من غير ملاحظة خصوص. وفي كلام البعض هنا نظر يعلم وجهه مما ذكرناه فتأمل.
قوله:"استزدت" السين والتاء للطلب. قوله:"بإضافة بيانية" لأن بين المتضايفين عمومًا