المتأخرين، ونازع في ذلك ابن الحاج في نقده على ابن عصفور، فأجاز تقديم المفعول والحالة هذه محتجًا بأن العرب تجيز تصغير عمر وعمرو على عمير، وبأن الإجمال من مقاصد العقلاء، وبأنه يجوز ضرب أحدهما الآخر، وبأن تأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز عقلًا وشرعًا، وبأنه قد نقل الزجاج أنه لا اختلاف في أنه يجوز في نحو:{فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ}[الأنبياء: ١٥] أن تكون تلك اسم زال ودعواهم الخبر والعكس. قلت وما قاله ابن الحاج ضعيف لأنه لو قدم المفعول وأخر الفاعل والحالة هذ لقضى اللفظ بحسب الظاهر بفاعلية المفعول ومفعولية الفاعل فيعظم الضرر ويشتد الخطر، بخلاف ما احتج به فإن الأمر فيه لا يؤدي إلى مثل ذلك وهو ظاهر "أو أضمر الفاعل" أي وأخر المفعول عن
ــ
بالظاء المشالة والصواب تضافر بالضاد المعجمة يقال تضافر القوم أي تعاونوا كما في كتب اللغة. قوله:"محتجا بأن العرب" لو قال محتجا بأن العرب تجيز الإجمال وتقصده كتصغير عمر وعمرو على عمير ونحو ضرب أحدهما الآخر لكان أحسن وأخصر. قوله:"وبأن الإجمال إلخ" مبني على أن لا فرق بين اللبس والإجمال والحق الفرق وأن الأول تبادر فهم غير المراد والثاني احتمال اللفظ للمراد وغيره من غير تبادر لأحدهما وأن الأول مضر دون الثاني وتصغير عمر وعمرو على عمير وضرب أحدهما الآخر من الثاني. قوله:"وبأن تأخير البيان إلخ" هذا في المجمل لا في الملتبس. قوله:"يجوز في نحو فما زالت إلخ" أي فلم يبالوا بالتباس الاسم بالخبر فكذلك التباس الفاعل بالمفعول.
قوله:"قلت إلخ" حاصله بالنسبة لغير الوجه الأخير أن ما استدل به ابن الحاج من باب الإجمال وما نحن فيه من باب الالتباس. والثاني ضار لتبادر غير المراد فيه دون الأول لعدم تبادر شيء فيه قال سم قال يس وهذا الجواب لا يجدي الناظم نفعا لما سيأتي له في باب التعدي واللزوم من أن الحذف مع إن وأن يطرد مع أمن اللبس. واحترز بأمن اللبس من نحو رغبت في أن تفعل أو عن أن تفعل فلا يحذف الجار للالتباس فسمى ما لا يتبادر منه شيء التباسا. ا. هـ. وقد يقال لا يلزم من شمول اللبس للإجمال عند المصنف في بعض الأبواب شموله له عنده في بقية الأبواب لكن ينظر ما الفارق. ثم قال سم وأما بالنسبة للوجه الأخير فهو أنه لا يلزم من إيراد الزجاج الوجهين في الآية جواز مثل ذلك في نحو ضرب موسى عيسى لأن التباس الفاعل بالمفعول ليس كالتباس اسم زال بخبرها. ا. هـ. وكأن وجهه أن الاسم والخبر أصلهما المبتدأ والخبر والمبتدأ عين الخبر في المعنى بخلاف الفاعل والمفعول. ورد شيخنا ذلك بأن الناظم لا يفرق بين الاسم والخبر وبين الفاعل المفعول، قال ويظهر أن المصنف لا يسلم للزجاج ما نقله ويؤيد منعه أن النحويين منعوا تقديم الخبر على المبتدأ في غير النسخ إذا خيف الالتباس أي فلتكن حالة النسخ كحالة عدم النسخ. قوله:"لا يؤدي إلى مثل ذلك" أي لأن اللازم عليه إما الإجمال وهو لا يضر أو الإلباس الغير الضار. قوله:"أي وأخر المفعول إلخ" المراد بوجوب تأخيره عن الفاعل عدم جواز توسطه بينه وبين الفعل فيصدق بوجوب تأخره عنهما كالمثال الأول وجواز تقدمه