البصريين والطوال من الكوفيين. وتأول المانعون بعض هذه الأبيات بما هو خلاف ظاهرها. وقد أجاز النحاة ذلك في النثر وهو الحق والإنصاف لأن ذلك إنما ورد في الشعر.
تنبيهات: الأول لو كان الضمير المتصل بالفاعل المتقدم عائدًا على ما اتصل بالمفعول المتأخر نحو ضرب أبوها غلام هند امتنعت المسألة إجماعًا، كما امتنع في الدار. وقيل فيه خلاف. واختلف في نحو ضرب أباها غلام هند فمنعه قوم وأجازه آخرون، وهو الصحيح لأنه لما عاد الضمير على ما اتصل بما رتبته التقديم كان كعوده على ما رتبته التقديم. الثاني كما يعود الضمير على متقدم رتبة دون لفظ ويسمى متقدمًا حكمًا كذلك يعود على متقدم معنى دون لفظ، وهو العائد على المصدر المفهوم من الفعل: نحو أدب ولدك في الصغر ينفعه في الكبر، أي التأديب؛ ومنه:{اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[المائدة: ٨] ، أي العدل. الثالث يعود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة سوى ما تقدم في ستة مواضع: أحدها الضمير المرفوع بنعم وبئس: نحو نعم رجلًا زيد، وبئس رجلًا عمرو، بناء على أن المخصوص مبتدأ لخبر محذوف أو خبر لمبتدأ محذوف. الثاني أن يكون مرفوعًا بأول المتنازعين المعمل ثانيهما كقوله:
٣٩٤- جفوني ولم أجف الأخلاء إنني ... لغير جميل من خليلي مهمل
على ما سيأتي في بابه. الثالث أن يكون مخبرًا عنه فيفسره خبره نحو: {إِنْ هِيَ إِلَّا
ــ
الحل الأول بيانية والقياس عليه بمعناه المعروف وأما على الوجهين الأخيرين فمن تبعيضية والقياس بمعنى النظر أي من أوجه النظر والرأي. قوله:"وممن أجاز ذلك إلخ" اختار هذا المذهب أيضا الرضي. قوله:"والطوال" بضم الطاء وتخفيف الواو. قوله:"وتأول المانعون بعض إلخ" قالوا في قوله جزى إلخ الضمير عائد إلى الجزاء المفهوم من جزى أو لشخص غير عدي.
قوله:"في الشعر" أي للضرورة. قوله:"امتنعت المسألة إجماعا" أجمع هنا واختلف في نحو زان نوره الشجر لاختلاف العامل هنا في مرجع الضمير وملابسه واتحاده في زان نوره الشجر فهو طالب للمرجع أيضا فكأنه متقدم رتبة وقوله كما امتنع إلخ أي لما مر من اختلاف العامل. قوله:"في نحو ضرب أباها غلام هند" أي من كل ما اتصل فيه المفعول المتقدم بضمير يعود على ما اتصل بالفاعل المتأخر. قوله:"بناء على أن المخصوص إلخ" أما على أنه
٣٩٤- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣/ ٧٧، ٥/ ٢٨٢؛ وأوضح المسالك ٢/ ٢٠٠؛ وتخليص الشواهد ص٥١٥؛ وتذكرة النحاة ص٣٥٩؛ والدرر ١/ ٢١٩، ٥/ ٣١٨؛ وشرح التصريح ٢/ ٨٧٤؛ وشرح قطر الندى ص١٩٧؛ ومغني اللبيب ٢/ ٤٨٩؛ والمقاصد النحوية ٣/ ١٤؛ وهمع الهوامع ١/ ٦٦، ٢/ ١٠٩.