فالنائب فيه ضمير المصدر كذلك على ما مر، لا قوله من مهابته.
تنبيهات: الأول ذكر ابن إياز أن الباء الحالية في نحو خرج زيد بثيابه لا تقوم مقام الفاعل، كما أن الأصل الذي ينوب عنه كذلك وكذلك المميز إذا كان معه من، كقولك: طبت من نفس فإنه لا يقوم مقام الفاعل أيضًا، وفي هذا الثاني نظر، فقد نص ابن عصفور على أنه لا يجوز أن تدخل من على المميز المنتصب عن تمام الكلام. الثاني ذهب ابن درستويه والسهيلي وتلميذه الرندي إلى أن النائب في نحو مر بزيد ضمير المصدر، لا
ــ
عنهما. والإغضاء إدناء الجفون بعضها من بعض. واستقرب الروداني جعل النائب ضميرا عائدا على الطرف المفهوم التزاما من يغضي لأن الإغضاء خاص بالطرف. قوله:"كذلك" أي كالمذكور من الآية والبيتين. وقوله على ما مر أي على الوجه الذي مر في ويعتلل لكن الصفة هنا مذكورة. قوله:"لا تقوم" على حذف مضاف أي لا يقوم مدخولها وقوله كما أن الأصل يعني الحال التي تعلقت بها الباء. قوله:"إذا كان معه من" مقتضاه أنه إذا لم يكن معه من يقوم مقام الفاعل وهو قول والصحيح خلافه فليجعل التقييد لكون الكلام في المجرور بالحرف. قوله:"وفي هذا الثاني" أي في مثاله لأن مناقشته إنما هي في المثال أما الحكم وهو عدم نيابة التمييز المجرور بمن عن الفاعل فقد سلمه. قوله:"فقد نص ابن عصفور إلخ" بل سيأتي في قول الناظم:
واجرر بمن إن شئت غير ذي العدد ... والفاعل المعنى كطب نفسا تفد
وغيرهما هو تمييز المفرد كقفيز بر ورطل زيت. قوله:"المنتصب عن تمام الكلام" أراد بتمام الكلام متممه الذي يحصل به فائدته وهو الفاعل وعن متعلقه بمحذوف أي المحول عن تمام الكلام أي الفاعل فاندفع قول شيخنا والبعض أن كل تمييز ينتصب عن تمام الكلام أي بعده فكان الظاهر أن يقول المحول عن الفاعل. قوله:"ذهب ابن درستويه إلخ" اعلم أنه لا خلاف في إنابة المجرور بحرف زائد وأنه في محل رفع كما في ما ضرب من أحد. فإن جر بغير زائد ففيه أقوال أربعة: أحدها وعليه الجمهور أن المجرور هو النائب في محل رفع. ثانيها وعليه ابن هشام أن النائب ضمير مبهم مستتر في الفعل وجعل مبهما ليحتمل ما يدل عليه الفعل من مصدر أو زمان أو مكان إذ لا دليل على تعيين أحدها. ثالثها وعليه الفراء أن النائب حرف الجر وحده في محل رفع كما يقول بأنه وحده بعد الفعل الله لمبني للفاعل في محل نصب نحو مررت بزيد. رابعها وعليه ابن درستويه والسهيلي والرندي أن النائب ضمير عائد على المصدر المفهوم من الفعل ويتفرع على هذا الخلاف جواز تقديم الجار والمجرور على الفعل وامتناعه. فعلى الأول والثالث يمتنع وعلى الثاني والرابع يجوز. ا. هـ. همع باختصار. ولا يبعد عندي جواز تقديمه حتى على الأول والثالث لأن علة المنع إلباس الجملة الفعلية بالاسمية وهي مفقودة هنا وكالمجرور الظرف