كانا نكرتين أو معرفتين وبعود الضمير على متأخر لفظ ورتبة إن كان الثاني نكرة نحو ظن قائم زيدًا؛ لأن الغالب كونه مشتقا. واحتج من منع إنابته مطلقًا في باب أعلم، وهم قوم معهم الخضيراوي والأبدي وابن عصفور بأن الأول مفعول صريح، والآخران مبتدأ وخبر، شبهًا بمفعولي أعطي، وبأن السماع إنما جاء بإنابة الأول كقوله:
٤٠٣- ونبئت عبد الله بالجو أصبحت ... كرامًا مواليها لئيما صميمها
الرابع حكى ابن السراج أن قومًا يجيزون إنابة خبر كان المفرد، وهو فاسد لعدم الفائدة ولاستلزامه إخبارًا عن غير مذكور ولا مقدر؛ وأجاز الكسائي نيابة التمييز، فأجاز في
ــ
ومن غير شرط. وقوله فيما إذا كانا نكرتين أو معرفتين: مثال الأول ظننت أفضل منك أفضل من زيد، ومثال الثاني ظننت صديقك زيدا. قوله:"ويعود الضمير إلخ" وذلك لأن رتبة نائب الفاعل التقدم والاتصال بالفعل فإذا قلت ظن قائم زيدا لزم عود الضمير في قائم على زيد المتأخر لفظا وهو ظاهر ورتبة لأنه وإن كان مفعولا أول ورتبته التقديم لكن لما أنيب الثاني صار رتبة الأول التأخير وقد يقال هذه العلة تنتفي عند تأخير النائب وتقديم المفعول الأول، فهلا قال بالمنع عند تقديم النائب والجواز عند تأخيره مع أنه قد يقال المفعول الأول من حيث كونه مفعولا أول رتبته التقديم وهذا كاف في جواز عود الضمير عليه مع تأخره لفظا. وسكت عن القسم الرابع وهو ما إذا كان الثاني معرفة والأول نكرة لعدمه.
قوله:"بأن الأول مفعول صريح" أي ليس أصله مبتدأ ولا خبرا بل هو مفعول به حقية واقع عليه الإعلام. وفي بعض النسخ صحيح وهو بمعنى صريح. وقوله والآخران مبتدأ وخبر أي في الأصل شبها أي في نصبهما بمفعولي أعطى أي فإطلاق المفعولية عليهما مجاز قاله في التصريح ورد سم هذه الحجة بأنها لا تقتضي المنع بل أولوية إنابة الأول وهذه الحجة والتي بعدها يفيدان أن امتناع إنابة الثالث أيضا قال الإسقاطي ولا تجرى هذه الحجة في باب ظن كما توهم لعدم المفعول الصريح. قوله:"ونبئت عبد الله" اسم قبيله وقوله بالجو متعلق بمحذوف صفة لعبد الله أي الكائنة بالجو والجو أرض اليمامة وجملة أصبحت مفعول ثالث ومواليها فاعل كراما والموالي العبيد والصميم الخالص والمراد رؤساء القبيلة وأعيانها كذا في التصريح. قوله:"إنابة خبر كان المفرد" نحو كين قائم وظاهر التقييد بالمفرد أن خبرها الجملة متفق على عدم إنابته وليس كذلك لثبوت الخلاف عن الفراء والكسائي كما في الهمع. قوله:"لعدم الفائدة" إذ معنى كين قائم حصل كون لقائم ومعلوم أن الدنيا لا تخلو عن حصول كون لقائم. قوله:"ولاستلزامه" عطف سبب على مسبب وقوله عن غير مذكور هو الاسم وقد يمنع الاستلزام بأن الخبر لما ناب عن الاسم انسلخ عن كونه خبرا وصار محدثا عنه بالفعل المجهول كما انسلخ عمرو في ضرب
٤٠٣- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في شرح التصريح ١/ ٢٩٣؛ والكتاب ١/ ٣٩؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٥٢٢؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ١٥٣؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٤٢٦.