واختير نصب قبل فعل ذي طلب ... وبعد ما إيلاؤه الفعل غلب
ــ
والموصوف، تقول زيد إن زرته يكرمك، وهل رأيته، وهلا كلمته، وهكذا إلى آخرها بالرفع. ولا يجوز النصب لأن هذه الأشياء لا يعمل ما بعدها فيما قبلها فلا يفسر عاملًا فيه لأنه بدل من اللفظ به "واختير نصب" أي رجح على الرفع في ثلاثة أحوال: الأول أن يقع اسم الاشتغال "قبل فعل ذي طلب" وهو الأمر والنهي والدعاء نحو زيدًا اضربه، أو ليضربه عمرو، أو لا تهنه واللهم عبدك ارحمه، أو لا تؤاخذه، وبكرًا غفر الله له. وإنما وجب الرفع
ــ
فائدة: كم في قوله تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ آَيَةٍ}[البقرة: ٢١١] ، استفهامية فإن جعلت كناية عن جماعة مثلا وحذف تمييزها لفهم المعنى ومن زائدة وآية مفعولا ثانيا فكم مبتدأ أو مفعول لآتينا مقدرا بعده لأن الاستفهام له الصدارة على طريقة الاشتغال وإن جعلت كم كناية عن آية ومن بيانية لم يجز واحد من الوجهين لعدم الراجع حينئذٍ إلى كم وتعين كونها مفعولا ثانيا مقدما وجوز الزمخشري كونها خبرية والجملة بيان لكثرة الآيات المسؤول عنها المحذوفة والأصل سل بني اسرائيل عن الآيات التي آتيناهم. لخصته من المغني والدماميني. قوله:"وهكذا إلى آخرها" نحو زيد لأنا ضاربه، وزيد ما ضربته، زيد كم ضربته، زيد إني ضربته، زيد الذي ضربته، زيد رجل ضربته. قوله:"ولا يجوز النصب" أي على وجه الاشتغال وقوله لا يعمل ما بعدها فيما قبلها لأن لها الصدر ولو عمل ما بعدها فيما قبلها لزم وقوعها حشوا وقوله فلا يفسر عاملا فيه أي على الوجه المعتبر في هذا الباب وهو كون المشغول عوضا عن العامل المقدر فلو نصبت بمقدر وقصدت الدلالة عليه بالملفوظ فقط دون التعويض جاز ولم تكن المسألة من باب الاشتغال فالمجعول دليلا دون تعويض لا يلزم صلاحيته للعمل فيما قبله ولهذا صرح المصنف بأن دلوي في:
يأيها الماتح دلوي دونكما
مفعول لفعل محذوف يفسره دونك مع أن اسم الفعل لا يعمل فيما قبله ويترتب على ذلك جواز إظهار المحذوف بخلاف الاشتغال سم إيضاح وزيادة. قوله:"لأنه بدل من اللفظ به" أي لأن ما بعدها من العامل المذكور بدل من اللفظ بالعامل المحذوف أي وشأن البدل موافقة المبدل منه فلا بد من جواز عمل المذكور فيما قبله كالمحذوف. قوله:"ذي طلب" أي بنفس الفعل أو بواسطة حرف طلب فعل كان أو طلب ترك باللفظ والمعنى كان الطلب أو بالمعنى فقط بدليل أمثلة الشارح ولا إشكال في الاشتغال في نحو زيدا لتضربه أو لا تضربه لما في الروداني عن شرح المقرب أن لام الأمر ولا يعمل ما بعدهما فيما قبلهما فيفسر العامل ولا يلزم من عدم تقديم الفعل عليهما كونهما مما يلزم الصدر كما لم يلزم ذلك في نحو لم ولن فما يفيده كلام التصريح ومن تبعه كالبعض مما يخالف ذلك غير سديد وإنما اختير النصب لأن وقوع هذه الأشياء إخبارا للمبتدأ قليل بل قيل بمنعه.
قوله:"وإنما وجب الرفع إلخ" مقتضاه أن أحسن في التعجب دال على الطلب حتى