والرفع في غير الذي مر رجح ... فما أبيح افعل ودع ما لم يبح
ــ
كلام الناظم.
تنبيه: شبه العاطف في هذا أيضًا كالعاطف، وشبه الفعل كالفعل، فالأول نحو أنا ضربت القوم حتى عمرًا ضربته، والثاني نحو هذا ضارب زيدًا وعمرًا يكرمه برفع عمرو ونصبه على السواء فيهما "والرفع في غير الذي مر" أنه يجب معه النصب أو يمتنع أو يكون راجحًا أو مساويًا "رجح" على النصب، لسلامة الرفع من الإضمار الذي هو خلاف الأصل، فرفع زيد بالابتداء في قولك: زيد ضربته أرجح من نصبه بإضمار فعل، ونصبه عربي جيد خلافًا لمن منعه. وأنشد ابن الشجري على جوازه قوله:
٤٠٩- فارسًا ما غادروه ملحمًا ... غير زميل ولا نكس وكل
ــ
قوله تفريعا على ما ذكره مما مر نصه فلا حاجة إلى استثناء مثل ذلك من اشتراط وجود الرابط ولا إلى بيان وجه استثنائه خلافا لسم باطل مبني على باطل نعوذ بالله من التساهل. قوله:"وقال هشام" هذا القول أخص من قول الفارسي ومن معه لشمول قولهم العطف بغير الفاء والواو كثم. قوله:"الواو كالفاء" رد بأن الواو إنما تكون للجمع في المفردات ولذا لم يجوزوا هذان يقوم ويقعد لكن ستعلم في باب العطف أن كونها للجمع في المفردات فقط أحد قولين.
قوله:"وهو ما يقتضيه كلام الناظم" أي حيث أطلق في المعطوف بل إطلاقه يقتضي أن ثم مثلا كالفاء. قوله:"شبه العاطف" وهو حتى ولكن وبل الابتدائيات. قوله:"في هذا" أي في جواز الأمرين على السواء إذا سبقه جملة ذات وجهين ولا يأتي لصحة النصب هنا اشتراط الضمير أو الفاء إذ لا عطف هنا حتى يحتاج إلى الرابط. قوله:"أيضا" أي كما في الموضع الثالث من مواضع اختيار النصب. قوله:"وشبه الفعل" أي الوصف الناصب للمفعول بخلاف ما لم ينصبه فالرفع أرجح فقولك مثلا هذا قائم الأب وعمر ويكرمه هو أرجح من قولك هذا قائم الأب وعمرا يكرمه لأن مشابهة هذا الوصف للفعل غير تامة. قوله:"برفع عمرو ونصبه إلخ" في تساوي الرفع والنصب في المثال الثاني بحث لأنه إذا نصب عمرو أفاد الكلام أن عمرا مفعول به الإكرام وإذا رفع أفاد أنه فاعل الإكرام إلا إذا برز الضمير لجريان الخبر على غير من هو له وقيل هذا ضارب زيدا وعمرو يكرمه هو فعند عدم الإبراز كما في عبارة الشارح لا يتحد معنى الرفع والنصب حتى يتخير المتكلم بينهما بل يتعين عليه الوجه الذي يفيد مقصوده وحينئذٍ لا يكون الوصف في مثال الشارح كالفعل الذي خير المصنف فيه المتكلم بين الرفع والنصب لاتحاد المعنى ووجود التناسب على كل ولو نبه الشارح على الإبراز مع الرفع أو مثل بنحو هذا ضارب زيدا وعمرا أكرمته في داره لكان أولى.
٤٠٩- البيت من الرمل، وهو لعلقمة الفحل في ديوانه ص١٣٣؛ وله ولامرأة من بني الحارث في شرح شواهد المغني ٢/ ٦٦٤؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٥٣٩؛ ولامرأة من بني الحارث في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص١١٠٧، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص٥٠١؛ وشرح ابن عقيل ص٢٦٧؛ ومغني اللبيب ٢/ ٥٧٧.