والأصل سبق فاعل معنى كمن ... من ألبسن من زاركم نسج اليمن
ويلزم الأصل لموجب عرا ... وترك ذاك الأصل حتما قد يرى
ــ
بجر دين. وذهب سيبويه والفراء إلى أنهما في موضع نصب وهو الأقيس. ومثل إن وأن في حذف حرف الجر قياسًا كي المصدرة نحو جئتك كي تقوم أي لكي تقوم "والأصل" في ترتيب مفعولي الفعل المتعدي إلى اثنين ليس أصلهما المبتدأ والخبر "سبق فالع" أي أن سبق الفاعل "معني" منهما المفعول معنى "كمن من" قولك "البسن من زاركم نسج اليمن" فإن من هو اللابس فهو الفاعل في المعنى، ونسج اليمن هو الملبوس فهو المفعول في المعنى. ويجوز العدول عن هذا الأصل فيقدم ما هو مفعول في المعنى على ما هو فاعل في المعنى. فيقال ألبسن نسج اليمن من زاركم "و" قد "يلزم الأصل" المذكور "لموجب عرى" أي وجد، وذلك كخوف اللبس نحو أعطيت زيدًا عمرًا، وكون الثاني محصورًا كما أعطيت زيدًا إلا درهمًا، أو ظاهرًا والأول ضمير متصل نحو:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}[الكوثر: ١] ، "وترك ذاك الأصل" لمانع وجد "حتمًا قد يرى" أي قد يرى واجبًا، وذلك كما غذا كان الذي هو الفاعل في المعنى محصورًا نحو ما أعطيت
ــ
قوله:"وهو الأقيس" أي الأقوى قياسا لأن قائله قاس على ما إذا كان المجرور غير أنّ وأن فإنه ينتصب لضعف حرف الجر عن أن يعمل محذوفا، وقائل القول الأول قاس على مجرور رب مع أن من النحاة من يجعل الجر عند حذف رب بواو رب لا برب فأفعل التفضيل على بابه ولعل القائل بالنصب يجيب عن البيت بأن جرّ دين بالعطف على توهم اللام.
قوله:"كي المصدرية" فيحذف معها ما يدخل عليها من حروف الجر وهو اللام فقط كما في المغني. قوله:"سبق فاعل معنى" أي وسبق ما لا يجر على ما قد يجر نحو اخترت زيدا الرجال فالأصل تقديم زيد لأن الفعل يتعدى إليه بنفسه بخلاف الرجال فإن الفعل قد يصل إليه بالحرف فنقول اخترت زيدا من الرجال قال المصنف في الشرح يعني ابن مالك في شرح التسهيل ولذا يقال اخترت قومه عمرا ولا يقال اخترت أحدهم القوم إلا على قول من أجاز ضرب غلامه زيدا دماميني. قوله:"من ألبسن" بضم السين أمرا للجماعة ليطابق من زاركم ويجوز فتحها على أن الميم للتعظيم أو أن المأمور بالإلباس واحد من الجماعة المزورين ونسج بمعنى منسوج. قوله:"وقد يلزم الأصل" التقليل بالنسبة إلى عدم اللزم. قوله:"نحو أعطيت زيدا عمرا" توقف سم في جواز تقديمهما مرتبين على الفعل وفي جواز تقديم الثاني على الفعل واستظهر البعض الجواز وعلله بعدم اللبس أي والحاصل في الصورة الثانية إجمال لا لبس وحينئذٍ فالمراد بلزوم الأصل تقديم الثاني على الأول متأخرين معا عن الفعل أو متقدمين معا عليه فتأمل. قوله:"محصورا" أي فيه. قوله:"أو ظاهرا والأول ضمير" اعترضه حفيد الموضح بأنه يجوز تقديم الثاني على الفعل. وأجيب بأن لزوم الأصل إضافي بالنسبة إلى امتناع تقديم الثاني على الأول لا مع الفعل.