خاتمة: يصير المتعدي لازمًا في حكم اللازم بخمسة أشياء: الأول التضمين لمعنى لازم. والتضمين إشراب اللفظ معنى لفظ آخر وإعطاؤه حكمه لتصير الكلمة تؤدي مؤدى كلمتين نحو:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}[النور: ٦٣] ، أي يخرجون:{وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ}[الكهف: ٢٨] ، أي تنب أذاعوا به أي تحدثوا، {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي}[الأحقاف: ١٥] ، أي بارك لي. ومنه قول الفرزدق:
ــ
انتهوا عن التثليث وائتوا خيرا لكم. قوله:"لازما" بأن ينسلخ عن التعدية بالكلية بحسب الظاهر وبحسب الحقيقة كما في الثاني والثالث. وقوله أو في حكم اللازم بأن يكون بحسب الظاهر لازما وأما باعتبار المعنى أو بعض المعنى فمتعد كما في الأول والرابع والخامس، فإن المضمن باعتبار دلالته على معنى الفعل المتعدي متعد، والضعيف عن العمل متعد في المعنى للمفعول وطالب له، وكذلك في الضرورة هذا ما ظهر.
قوله:"لمعنى لازم" بالإضافة أي لمعنى فعل لازم. قوله:"معنى لفظ آخر" ظاهره وجوب تغاير المعنيين وهو غير ظاهر في نحو قوله تعالى: {أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ}[يوسف: ١٠٠] ، فإن تعدية أحسن بالباء لتضمينه معنى لطف والإحسان هو اللطف فالأولى أن يقال التضمين إلحاق مادة بأخرى في التعدي أو الزوم لتناسب بينهما في المعنى أو اتحاد كذا قيل. قوله:"لتصير الكلمة إلخ" فيكون اللفظ مستعملا في مجموع المعنيين مرتبطا أحدهما بالآخر فيكون مجازا لا في كل منهما على حدته حتى يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز المختلف فيه نقله البعض عن ابن كمال باشا. وانظر ما علاقة المجاز على هذا، لا يقال العلاقة الجزئية لأنا نقول نقل الناصر اللقاني في حواشيه على المحل عن السعد التفتازاني أنه لا بد في اعتبار الجزئية من كون تركب الكل من الأجزاء حقيقيا لا اعتباريا كما هنا والأقرب عندي أنه مستعمل في كل من المعنيين على حدته وإن لزم عليه الجمع المذكور فتختلف العلاقة باختلاف المعنيين فتكون تارة المشابهة بينهما وتارة تكون غيرها. ويؤيده ما نقل عن ابن عبد السلام وجزم به الدماميني وغيره أنه مستعمل في حقيقته ومجازه. وهذا هو التضمين النحوي وفي كونه مقيسا خلاف. ونقل أبو حيان في ارتشافه عن الأكثرين أنه ينقاس. وأما البيان فهو تقدير حال يناسبها المعمول بعدها لكونها تتعدى إليه على الوجه الذي وقع عليه ذلك المعمول ولا تناسب العامل قبلها لكونه لا يتعدى إلى ذلك المعمول على الوجه المذكور وهو قياسي اتفاقا لكونه من حذف العامل لدليل هذا ما درج عليه السعد ومتابعوه. وقال ابن كمال باشا الحق أن التضمين البياني هو التضمين النحوي وإنما جاء الوهم للسعد من عبارة الكشاف حيث قدر خارجين عن أمره فتوهم أنه تقدير لعامل آخر وليس كذلك بل هو تفسير للفعل المضمن.
قوله:"أي يخرجون" اقتصار على بيان المعنى الطارىء لأنه المحتاج للبيان وكذا ما بعده إلا قوله أي صرفه بالقتل فهو بيان للمعنيين. قوله:"أي تنب" أي تبعد. قوله:"وأصلح لي في ذريتي أي بارك" جعله ابن الحاجب من باب فلان يعطي ويمنع ويصل ويقطع، أي من تنزيل