البصريون وهو ما سبق لأن العمدة يمتنع حذفها، ولأن الإضمار قبل الذكر قد جاء في غير هذا الباب نحو ربه رجلًا ونعم رجلًا، وقد سمع أيضًا في هذا الباب، من ذلك ما حكاه سيبويه من قول بعضهم: ضربوني وضربت قومك. ومنه قوله:
٤٢٧- جفوني ولم أجف الأخلاء إنني ... لغير جميل من خليلي مهمل
ــ
الهمع. قوله:"نحو ضربني وضربت زيدا هو" فهو فاعل ضربني لا توكيد لمستتر في الفعل لأنه يمنع أن فيه ضميرا مستترا كما مر. قوله:"والمعتمد ما عليه البصريون" أي من وجوب إضمار ضمير الرفع في الأول عند إعمال الثاني. قوله:"لأن العمدة يمتنع حذفها" اعترض اللقاني هذا الدليل بأنه لا يفيد وجوب الإضمار بخصوصه بل هو أو الإظهار، ويمكن أن يجاب بأنه اقتصر على جزء العلة لكفايته في الرد على مجوّز الحذف وهو الكسائي والجزء الثاني لزوم التكرار عند الإظهار وقد يقال التكرار لا يقتضي منع الإظهار بل ضعفه فقط على أنه عهد حذف الفاعل في مواضع معروفة تقدم بيانها فافهم.
قوله:"ولأن الإضمار" بهذا يرد على جميع الكوفيين بخلاف الدليل الذي قبله فيرد به على الكسائي ومن يقول بقوله فقط. قوله:"قد جاء في غير هذا الباب" أي فيقاس عليه هذا الباب وقد يعارض هذا الدليل بالمثل فيقال جاء حذف الفاعل في غير هذا الباب فيقاس عليه هذا الباب. وبحث فيه اللقاني أيضا بأن جواز الإضمار قبل الذكر في غير هذا الباب لغرض إيراد الشيء مجملا ثم مفصلا ليكون أوقع في النفس لا يفيد جوازه مطلقا ولك دفعه بأنه لا مانع من كون الغرض هنا أيضا الإجمال ثم التفصيل فتأمل. قوله:"وقد سمع" ترقّ من قياس الإضمار قبل الذكر في هذا الباب على الإضمار قبل الذكر في غيره إلى سماعه في هذا الباب فكأنه قال على أنه قد سمع إلخ أي سمع كثيرا نظما ونثرا وذلك علامة الاطراد فاندفع ما قيل للكسائي أن يقول سمع حذف الفاعل هنا أيضا كما في قوله تعفق إلخ على أن ما استدل به على حذف الفاعل هنا غير صريح كما ستعرفه أفاده يس. قوله:"وكمتا" أي ترى خيلا كمتا جمع أكمت من الكمتة وهي حمرة تضرب إلى سواد مدماة أي شديدة الحمرة مثل الدم متونها ظهورها استشعرت لون مذهب أي جعلته شعارا ولباسا لها. والمذهب بضم الميم المموه بالذهب ووجه الاستشهاد أنه أعمل الثاني وأضمر في الأول ضميره قبل الذكر، لكن هذا البيت لا يحتج به على الكسائي لأن الضمير في الأول وهو جري غير بارز فله أن يدعي خلوه منه ويحتج به على الفراء لاختلاف العاملين وعدم ذكر الضمير مؤخرا.
٤٢٧- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣/ ٧٧، ٥/ ٢٨٢؛ وأوضح المسالك ٢/ ٢٠٠؛ وتخليص الشواهد ص٥١٥؛ وتذكرة النحاة ص٣٠٥٩؛ والدرر ١/ ٢١٩، ٥/ ٢١٨؛ وشرح التصريح ٢/ ٨٧٢؛ وشرح قطر الندى ص١٩٧؛ ومغني اللبيب ٢/ ٤٨٩؛ والمقاصد النحوية ٣/ ١٤؛ وهمع الهوامع ١/ ٦٦، ١٠٩.