والوجوب فيما إذا وقع خبرًا نحو زيدًا عندك، أو صلة نحو رأيت الذي معك، أو حالًا نحو رأيت الهلال بين السحاب، أو صفة نحو رأيت طائرًا فوق غصن، أو مشتغلًا عنه نحو يوم الجمعة سرت فيه، أو مسموعًا بالحذف لا غير كقولهم حينئذ الآن: أي كان ذلك حينئذ واسمع الآن.
تنبهان: الأول العامل المقدر في هذه المواضع سوى الصلة استقر أو مستقر، وأما الصلة فيتعين فيها تقدير استقر لأن الصلة لا تكون إلا جملة كما عرفت. الثاني الضمير في فانصبه للظرف وهو اسم الزمان أو المكان وفي فيه لمدلوله وهو نفس الزمان أو المكان. وأراد بالواقع دليله من فعل وشبهه لأن الواقع هو نفس الحدث وليس هو الناصب. والأصل فانصبه بدليل الواقع في مدلوله فتوسع بحذف المضاف من الأول والثاني لوضوح المقام. ا. هـ. "وكل" اسم "وقت قابل ذاك" والنصب على الظرفية: مبهمًا كان أو مختصًّا، والمراد
ــ
أعم منها وقوعا. قوله:"فيما إذا وقع خبرا إلخ" قال في التصريح لا يقع الظرف المقطوع عن الإضافة المبني على الضم صفة ولا صلة ولا حالا ولا خبرا. لا يقال مررت برجل أمام، ولا جاء الذي أمام، ولا رأيت الهلال أمام، ولا زيد أمام، لئلا يجتمع عليها ثلاثة أشياء: القطع والبناء والوقوع موقع شيء آخر. ا. هـ. يس محل المنع إذا لم يعلم المضاف إليه لعدم الفائدة حينئذٍ.
قوله:"نحو يوم الجمعة سرت فيه" لم يقل سرته لأن ضمير الظرف لا ينصب على الظرفية بل يجب جره بفي قاله المصرح. وسيأتي عن الشاطبي أنه قد ينصب على التوسع. قوله:"كقولهم حينئذٍ الآن" هذا مثل يذكر لمن ذكر أمرا تقادم عهده أي كان ما تقوله واقعا حين إذا كان كذا واسمع الآن ما أقول لك فهما من جملتين والمقصود نهي المتكلم عن ذكر ما يقوله وأمره بسماع ما يقال له. قوله:"الثاني الضمير إلخ" أشار به إلى أن الكلام على حذف مضافين كما سيصرح به الشارح آخرا لا إلى أن فيه استخداما كما زعمه البعض اغترارا بظاهر أول عبارة الشارح وغفلة عن آخر كلامه. نعم كلام المتن في حد ذاته محتمل له بأن يكون أعاد الضمير أولا على الظرف بمعنى اللفظ وثانيا على الظرف بمعنى مدلول اللفظ. قوله:"وفي فيه لمدلوله" أي للظرف بتقدير مدلوله ليوافق صريح آخر عبارته. قوله:"وأراد بالواقع دليله" يوهم أن المجاز لغوي لا بحذف المضاف فينافي ما بعد، إلا أن يقال المعنى أراد بقوله الواقع إلخ. قوله:"وكل اسم وقت" أي اسم ظاهر فلا يرد أنه يصدق على ضمير الظرف مع أنه لا ينصب على الظرفية بل على التوسع كما قاله الشاطبي وشمل كلامه على ما صيغ على مفعل مرادا به الزمان من فعله الناصب له نحو قعدت مقعد زيد مرادا به زمان العقود فإنه ينصب ظرف زمان كما ينصب ظرف مكان إذا أريد به المكان.
قوله:"تقول سرت حينا ومدة" فحينا ومدة تأكيد معنوي لزمن الفعل لأنه لا يزيد على ما دل عليه الفعل ومثله: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا}[الإسراء: ١] ؛ لأن الإسراء لا يكون إلا ليلا فالظرف