للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنصب إن لم يجز العطف يجب ... أو اعتقد إضمار عامل تصب

ــ

لأن في العطف تعسفًا في الأول وتوهينًا للمعنى في الثاني. وفي النصب على المعية سلامة منهما فكان أولى. وإما من جهة اللفظ كما في نحو جئت وزيدًا واذهب وعمرًا؛ لأن العطف على ضمير الرفع المتصل لا يحسن ولا يقوى إلا مع الفصل ولا فصل. فالوجه النصب لأن فيه سلامة من ارتكاب وجه ضعيف عنه مندوحة "والنصب" على المعية "إن لم يجز العطف" لمانع معنوي أو لفظي "يجب" فالمانع المعنوي كما في سرت والنيل، ومشيت والحائط، ومات زيد وطلوع الشمس، ما لا يصح مشاركة ما بعد الواو منه لما قبلها في حكمه، والمانع اللفظي كما في نحو ما لك وزيدًا وما شأنك وعمرًا

ــ

الكليتين" بضم الكاف ويقال الكلوتين بضم الكاف مع الواو لحمتان حمراوان لاصقتان بعظم الصلب والطحال بكسر الطاء دم متجمد. قوله: "تعسفا في الأول" تعبيره هنا بالتعسف وفيما مر بالتكلف تفنن. قوله: "وتوهينا" أي تضعيفا للمعنى في الثاني وجهه اقتضاء كون بني الأب مأمورين وهو خلاف المقصود لأن المقصود أمر المخاطبين بأن يكونوا مع بني أبيهم وبحث فيه بأنه ينتج التعين لا الرجحان فقط وإلى تعين النصب مال أبو البقاء وتبعه المصرح.

قوله: "يجب" جواب الشرط والشرط وجوابه خبر المبتدأ وهذا أولى من جعل جواب الشرط محذوفا ويجب خبر المبتدأ لأن حذف الجواب مع كون الشرط مضارعا ضرورة كذا قال غير واحد. وفيه أن محل كونه ضرورة إذا لم يكن الشرط المضارع مجزوما بلم وإلا جاز حذف الجواب كما سيأتي لكونه ماضيا في المعنى. واعلم أن عبارة المصنف تحتمل أمرين. الأول كون أو للتخيير والمعنى إذا امتنع العطف كما في سرت والنيل وجب أحد أمرين: إما النصب على المعية وإما النصب بإضمار عامل. الثاني كون أو للتنويع والمعنى أن ما امتنع فيه العطف نوعان: نوع يجب فيه النصب على المعية نحو سرت والنيل ونوع لا يجوز فيه النصب على المعية بل ينصب بإضمار عامل نحو:

علفتها تبنا وماء باردا

وعلى هذا حل الشارح غير أنه زاد في النوع الثاني وجها وهو تأويل العامل بما يصلح للمعطوف والمعطوف عليه ويرد على الاحتمال الأول ما لا تصح فيه المعية نحو علفتها إلخ وعلى الثاني أن دعوى عدم صحة تقدير العامل في النوع الأول غير مسلمة لأنه يصح في نحو سرت والنيل أن التقدير سرت ولابست النيل. قوله: "مما لا يصح" أي من تركيب أو كلام لا يصح فيه ما ذكر ومنه: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} [يونس: ٧١] ، إذ لا يقال أجمع زيد الشركاء بل جمعهم، ويقال أجمع أمره وعلى أمره أي عزم، فنصب شركاءكم لكونه مفعولا معه أو بتقدير اجمعوا بوصل الهمزة ومنه: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: ٩] ، إذ الإيمان لا يتبوّأ فنصبه لكونه مفعولا معه أو بتقدير أخلصوا مثلا أو بتأويل تبوءوا بلزموا.

قوله: "كما في نحو ما لك وزيدا" أي بناء على غير مذهب المصنف أما على مذهبه

<<  <  ج: ص:  >  >>