تنبيهان: الأول المراد بالفضلة ما يستغنى عنه من حيث هو هو. وقد يجب ذكره لعارض كونه سادًّا مسد عمدة، كضربي العبد مسيئًا، أو لتوقف المعنى عليه كقوله:
٤٨٧- إنما الميت من يعيش كئيبًا ... كاسفا باله قليل الرجاء
الثاني الأولى أن يكون قوله كفردًا أذهب تتميمًا للتعريف لأن فيه خللين: الأول أن في قوله منتصب تعريفا للشيء بحكمه، والثاني أنه لم يقيد منتصب باللزوم وإن كان مراده ليخرج النعت المنصوب كرأيت رجلًا راكبًا، فإنه يفهم في حال ركوبه وإن كان ذلك بطريق اللوم لا بطريق القصد، فإن القصد إنما هو تقييد المنعوت "وكونه" أي الحال "منتقلا" عن صاحبه غير لازم له "مشتقًّا" من المصدر ليدل على متصف "يغلب لكن ليس" ذلك "مستحقًّا" له، فقد جاء غير منتقل كما في الحال المؤكد نحو زيد أبوك عطوفًا، {وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}[مريم: ٣٣] ، والمشعر عاملها بتجدد صاحبها نحو: {وَخُلِقَ
ــ
الكلام عنه من حيث هو كلام نحوي لكان أوضح. وإنما لم يقتصر على هو الأولى لأن قولك من حيث هو حيثية إطلاق ومن حيث هو هو حيثية تقييد بالنظر إلى الذات. قوله:"لأن فيه خللين" أي يزولان بجعله تتميما للتعريف هذا مقتضى كلامه. ولا يخفى أن الخلل الأول لا يزول بذلك لأنه لا ينفي كون منتصب جزما من التعريف فكان على الشارح أن يقول الأولى أن يكون منتصب خبر مبتدإ محذوف والجملة معترضة، وكفردا أذهب تتميما للتعريف لأن فيه خللين إلخ وإنما قال الأولى ولم يقل الصواب لإمكان دفع الأول وهو أن التعريف للشيء بحكمه يوجب الدور لأن الحكم فرع التصور والتصور موقوف على الحد بأنه يكفي الحكم التصور بوجه آخر غير الحدّ ودفع الثاني بما أشار إليه الشارح أولا من أن المراد منتصب وجوبا، وبأن المتبادر من قولنا مفهم في حال كذا كون الإفهام مقصودا واللفظ يحمل على المتبادر فيخرج النعت المذكور.
قوله:"ليخرج إلخ" تعليل للمنفي وهو التقييد فيكون النفي منصبا عليه أيضا. قوله:"وإن كان ذلك" أي الإفهام. قوله:"لكن ليس مستحقا" دفع به توهم أن يكون الغالب واجبا في الفصيح كما قاله سم وضمير ليس إما للكون فمستحقا بفتح الحاء وإما للحال فمستحقا بكسرها كما قال خالد. قوله:"كما في الحال المؤكدة" أي لمضمون الجملة قبلها كالمثال الأول أو لعاملها كالثاني أو لصاحبها في نحو لآمن من في الأرض كلهم جميعا لا في نحو جاءني القوم جميعا لأن اجتماعهم في المجيء ينتقل. قوله:"بتجدد صاحبها" أي حدوثه بعد أن لم يكن
٤٨٧- البيت من الخفيف، وهو لعدي بن الرعلاء الغساني في الأصمعيات ص١٥٢؛ والحماسة الشجرية ١/ ١٩٥؛ وخزانة الأدب ٩/ ٥٨٣؛ وسمط اللآلي ص٨؛ ٦٠٣؛ ولسان العرب ٢/ ٩١ "موت"؛ ومعجم الشعراء ص٢٥٢؛ ولصالح بن عبد القدوس في حماسة البحتري ص٢١٤؛ ومعجم الأدباء ١٢/ ٩؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢/ ٩٣٦؛ وشرح قطر الندى ص٢٣٤؛ ومغني اللبيب ص٤٦١.