أن الناصب له نفس الجملة واختاره ابن عصفور ونسبه للمحققين. ويصح تخريج كلامه هنا على المذهبين فلا اعتراض لأنه يصح أن يقال إنه فسر العامل لأنه رفع إبهام نسبته إلى معموله، وأنه فسر الجملة لأنه رفع إبهام ما تضمنته من النسبة. وأما تمييز المفرد فإنه رفع إبهام ما دل عليه من مقدار مساحي أو كيلي أو وزني "كشبر أرضًا وفقيز برا ومنوين عسلًا وتمرا" وناصب التمييز في هذا النوع مميزه بلا خلاف
ــ
قوله:"فلا اعتراض إلخ" تفريع على قوله ويصح إلخ لكن كان الأوضح تأخيره عن قوله لأنه إلخ وفي نسخ بالواو وهي واضحة والمراد اعتراض ابن هشام بما حاصله أن مفسر تمييز النسبة هو النسبة وليست العامل بل العامل الفعل أو شبهه على قول والجملة على قول. وحاصل جواب الشارح أنه يصح جعل المميز نفس العامل لصحة وصفه بالإبهام من حيث نسبته لتعلقها بطرفيها فتوصف بوصفها فيحمل كلام المصنف على العامل أو الجملة، فعلم أن قول البعض أن قول الشارح وأنه فسر الجملة إلخ تتميم للفائدة ولا دخل له في دفع الاعتراض ناشئ عن قلة تدبر المقام. قوله:"إبهام ما دل عليه" ضمير دل يرجع إلى المفرد وضمير عليه إلى ما ومن مقدار بيان لما والصلة أو الصفة جرت على غير ما هي له لأمن اللبس وفي قوله من مقدار حذف مضاف أي من مقدر مقدار إذ التمييز له لا للمقدار الذي هو ما يكال أو يوزن أو يمسح به فاندفع الاعتراض بأن المجمل الذي بينه التمييز في الحقيقة هو المقدر بالمقدار لا نفس المقدار فكان الأولى أن يقول لأنه رفع إبهام ما دل عليه المفرد من مقدر به وفيه اكتفاء أيضا أي من مقدار أو شبهه مما حمل عليه فلا قصور. قوله:"مساحي" نسبة إلى المساحة بكسر الميم وهي الذرع كذا في القاموس.
قوله:"وقفيز" من المكيل ثمانية مكاكيك والمكوك مكيال يسع صاعا، ومن الأرض مائة وأربعة وأربعون ذراعا وليس مرادا هنا، جمعه أقفزة وقفزان. قوله:"ومنوين" تثنية منا كعصا ويقال فيه منّ وهو رطلان. قوله:"مميزه بلا خلاف" وإنما عمل مع جموده لشبه اسم الفاعل في الطلب المعنوي لمعموله وقيل لشبهه أفعل من ورجحه المصرح. فائدة: إذا كان المقدار مخلوطا من حنين فقال الفراء: لا يجوز عطف أحدهما على الآخر بل يقال عندي رطل سمنا عسلا على حد الرمان حلو حامض، وقال غيره: يعطف بالواو لأنها للجمع الصادق بالخلط وجوّز بعض المغاربة الأمرين كذا في الهمع. قوله:"وبعد ذي المقدرات" يعني المقدر بالمقدار المساحي والمقدر بالمقدار الكيلي والمقدر بالمقدار الوزني الممثل لتلك المقدرات بشبر وقفيز ومنوين، والمتبادر من المتن أن المشار إليه الأمثلة الثلاثة التي هي جزئيات فيكون المراد بنحوها غيرها سواء كان مقدرا بأحد المقادير الثلاثة أو لا. وظاهر صنيع الشارح إرجاع الإشارة إلى أنواع المقدرات الثلاث كما قررناه وحمل نحوها على غير تلك الأنواع وكأنه حمل كلام المصنف على الاستخدام بذكره المقدرات الثلاثة أولا مرادا بها الجزئيات وإرجاع الإشارة إليها مرادا بها الكليات فتأمل.