والنصب بعدك ما أضيف وجبا ... إن كان مثل ملء الأرض ذهبا
ــ
تنبيهان: الأول النص في نحو ذنوب ماء وحب عسلًا أولى من الجر؛ لأن النصب يدل على أن المتكلم أراد أن عنده ما يملأ الوعاء المذكور من الجنس المذكور. وأما الجر فيحتمل أن يكون مراده ذلك، وأن يكون مراده بيان أن عنده الوعاء الصالح لذلك. الثاني إنما لم يذكر تمييز العدد مع تمييز هذه المقدرات لأن له بابًا يذكره فيه، ولانفراد تمييزها بأحكام منها جواز الوجهين المذكورين. وتمييز العدد إما واجب النصب كعشرين درهمًا، أو واجب الجر بالإضافة كمائتي درهم ومنها جواز الجر بمن كما سيأتي. ومنها أنه يميز تمييز العدد إذا وقعت هذه المقدرات تمييزًا له نحو عشرين مدا برا، وثلاثين رطلًا عسلًا، وأربعين شبرًا أرضًا "والنصب" للتمييز "بعد ما أضيف" من هذه المقدرات لغير التمييز "وجبا إن كان" المضاف لا يصح إغناؤه عن المضاف إليه "مثل"{فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ}[آل عمران: ٩١] ، "ملء الأرض ذهبًا""ما في السماء قدر راحة سحابا" إذ لا يصح ملء ذهب، ولا قدر سحاب، فإن صح إغناء المضاف عن المضاف إليه جاز نصب
ــ
حنطة. قوله:"في نحو ذنوب ماء" أي من المقدرات وما أجري مجراها مما يتوهم عند جر تمييزه خلاف المقصود بخلاف نحو خاتم حديد فإن جره أكثر كما صرح به الرضي وغيره لأن في جره تخفيفاً بحذف التنوين مع عدم توهم خلاف المقصود وبخلاف نحو شبر أرض فإن الأظهر عدم أكثرية نصبه لعدم توهم خلاف المقصود حال الجر بل قد يقال جره أكثر لما مر تأمل. قوله:"لأن النصب يدل" أي فهو نص في المقصود بخلاف الجر. قوله:"الوعاء الصالح لذلك" أي أو الصنجة الموزون بها أو المكيال الذي يكال به أو الشيء الذي يمسح به. قوله:"إنما لم يذكر تمييز العدد" أي مع أنه من تمييز المفرد. قوله:"ومنها أنه" أي تمييز هذه المقدرات يميز بالبناء للفاعل وتمييز العدد مفعول به لا مفعول مطلق وقوله تمييزا له أي العدد فبرا وعسلا وأرضا تمييزات لتمييز العدد وهو مدا ورطلا وشبرا. قوله:"والنصب إلخ" هذا البيت تقييد لسابقه فمعنى اجرره إذا أضفتها أي إلى التمييز كما قاله الشارح سابقا بخلاف ما إذا كانت مضافة إلى غيره والمراد الإضافة ولو تقديرا فدخل نحو الكوز ممتلئ ماء وزيد متفقىء شحما إذ التقدير ممتلئ الأقطار ماء ومتفقئ الأعضاء شحما فلا يجوز ممتلىء ماء ولا متفقئ شحم.
قوله:"من هذه المقدرات" يشكل على هذا التقييد محترز قوله إن كان إلخ وهو قوله أشجع الناس رجلا إذ المضاف هنا ليس من المقدرات فهو خارج بهذا التقيد لا بقوله إن كان إلخ وأيضا فملء وقدر من الشبيه بمقدرات لأنهما كالمقدر المساحي لا منها فالوجه التعميم كما فعل المرادي. قوله:"لا يصح إغناؤه إلخ" إشارة إلى وجه الشبه في قوله إن كان مثل إلخ. قوله:"ملء الأرض" برفع ملء على الحكاية كما أشار إليه الشارح. قوله:"الأرض" بنقل حركة الهمزة إلى اللام. قوله:"فإن صح إغناء المضاف إلخ" قد يقال الذي يغني عن المضاف إليه هو التمييز لأنه الذي يقع في محله لا المضاف ويدل له قول الهمع ولا يحذف عند جر التمييز