ا. هـ. وهذا شروع في ذكر معاني هذه الحروف "بعض وبين وابتدئ في الأمكنة بمن" أي تأتي من لمعان، وجملتها عشرة اقتصر منها هنا على الخمسة الأولى الأول التبعيض ــ حتاك أي إليك أي إلى لقيك، والمعنى لا يجدون فتى إلى أن يلقوك فحينئذٍ يجدون الفتى هذا ما ظهر لي. قوله: "في ذكر معاني إلخ"، اعلم أن مذهب البصريين أن حروف الجر لا ينوب بعضها عن بعض قياسًا، كما لا تنوب حروف الجزم والنصب عن بعض، وما أوهم ذلك محمول على نحو تضمين الفعل معنى فعل يتعدى بذلك الحرف، أو على شذوذ النيابة، فالتجوز عندهم في غير الحرف أو في الحرف لكن على الشذوذ، وجوز الكوفيون واختاره بعض المتأخرين نيابة بعضها عن بعض قياسًا، كما في التصريح والمغني، وإن اقتضى كلام البعض خلافه، فالتجوز عندهم في الحرف قال في المغني: وهذا المذهب أقل تعسفًا. قوله: "بمن" قال في الهمع الغالب في نون من إذا وليها ساكن أن تكسر مع غير لام التعريف، وتفتح معها وحذفها مع لام لم تدغم فيما بعدها قال ابن مالك: قليل وابن عصفور: ضرورة وأبو حيان: كثير حسن، فإن كانت اللام مدغمة لم يجز حذف النون، فلا يقال في من الظالم ومن الليل: م الظالم وم الليل ونظيره حذف نون بني، فإنهم لا يحذفونها إلا إذا لم تدغم اللام بعدها، وأما نون عن، فالغالب فيها الكسر مطلقًا مع اللام وغيرها، وحكى الأخفش ضمها مع اللام قال أبو حيان: وليس له وجه من القياس. ا. هـ. باختصار. قوله: "أي تأتي من لمعان" أشار به إلى أن الأمر في كلام المصنف ليس على حقيقته، إذ المراد الإخبار عما نقل عن العرب لا طلب ذلك، وظاهر كلام الشارح أن المعاني العشرة حقائق، والظاهر خلافه وأن الزيادة وما عدا التعليل من الخمسة الأخيرة مجازية لعدم تبادرها الذي هو علامة الحقيقة. قوله: "على الخمسة الأولى"، قد ذكر الخامس بقوله ومن وباء يفهمان بدلًا. قوله: "التبعيض" إن أريد به التبعيض الملحوظ لغيره أي لكونه حالة بين المتعلق والمجرور، وآلة لربط أحدهما بالآخر فلا مسامحة في العبارة، وإن أريد به مطلق التبعيض كان في العبارة مسامحة؛ لأن معنى من ليس مطلق التبعيض بل التبعيض الملحوظ لغيره لما تقرر أن معنى الحرف في غيره، وقس على ذلك بقية المعاني الآتية للحروف قال في المطول والمختصر: قال صاحب المفتاح: المراد بمتعلقات معاني الحروف ما يعبر بها عنها عند تفسير معانيها مثل قولنا: من معناها ابتداء الغاية وفي معناها الظرفية، وكي معناها الغرض فهذه ليس معاني الحروف، وإلا لما كانت حروفًا بل أسماء؛ لأن الاسمية والحرفية إنما هما باعتبار المعنى، وإنما هي متعلقات لمعانيها أي إذا