سرت البارحة إلى نصفها، ولا يجوز حتى نصفها؛ لأن مجرور حتى يلزم أن يكون آخرًا أو متصلًا بالآخر نحو: أكلت السمكة حتى رأسها ونحو: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}[القدر: ٥] ، واستعمال اللام للانتهاء قليل نحو:{كُلٌّ جْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى}[الرعد: ٢] ، وسيأتي الكلام على بقية معانيها في هذا الكتاب، وعلى بقية أحكام حتى في باب إعراب الفعل، وأما إلى فلها ثمانية معان: الأول انتهاء الغاية مطلقًا كما تقدم. الثاني المصاحبة نحو:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}[النساء: ٢] ، الثالث التبيين وهي المبينة لفاعلية مجرورها بعد ما يفيد حبًا، أو بغضًا من فعل تعجب أو اسم تفضيل نحو:{رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ}[يوسف: ٣٣] : الرابع موافقة اللام نحو: {وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ}[النمل: ٣٣] ، وقيل: لانتهاء أي منته إليك: الخامس موافقة في نحو: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [النساء:
ــ
يجوز حتى زيد وحتى عمرو لوضع حتى لإفادة تقضي الفعل قبلها شيئًا فشيئًا إلى الغاية، وليس ما قبل حتى في المثالين مقصودًا به التقضي، ولا حتى الكوفة لضعف حتى في الغاية، فلم يقابلوا بها ابتداء الغاية ذكره في المغني، ولا ينافيه أن حتى قد تستعمل فيما لم يستعمل فيه إلى، وهو جر أن المضمرة والمضارع المنصوب بها نحو سرت حتى أدخلها؛ لأنه قد يلتزم أن ما انفردت به إلى أكثر مما انفردت به حتى، وظاهر كلام المصنف والشارح أن حتى الجارة للانتهاء دائمًا، ومحله ما لم تدخل على المضارع المنصوب بأن المضمرة، وإلا فقد تكون له، وقد تكون للتعليل وللاستثناء كما سيأتي قاله الدماميني. قوله:"لأن مجرور حتى إلخ"، خالفه في التسهيل، فقال: لا يلزم كونه آخر جزء ولا ملاقي آخر جزء خلافًا لزاعم ذلك. قوله:"أن يكون آخرًا إلخ" أي وأن يكون ظاهرًا لا ضميرًا إلا ما شذ كما سيأتي. قيل: لأنها لو دخلت على الضمير قلبت ألفها ياء كما في إلى وعلى ولدي، وهي فرع عن إلى، فيلزم مساواة الفرع لأصله بلا ضرورة، قوله:"نحو أكلت السمكة إلخ" فيه لف ونشر مرتب. قوله:"ونحو سلام هي إلخ" نقل يس عن ابن هشام أن حتى متعلقة بتنزل لا بسلام، ويلزم عليه الفصل بين العامل والمعمول بجملة سلام هي. قوله:"انتهاء الغاية مطلقًا" أي في الزمان والمكان في الآخر، والمتصل بالآخر وغيرهما. قوله:"الثاني المصاحبة" قال بذلك الكوفيون وجماعة من البصريين، ومن أنكره جعلها في مثل الآية التي ذكرها الشارح للانتهاء والمعنى، ولا تأكلوا أموالهم مضمومة إلى أموالكم. دماميني.
قوله:"نحو ولا تأكلوا إلخ" أي من كل تركيب اشتمل على ضم شيء إلى آخر في كونه محكومًا به على شيء، أو محكومًا عليه بشيء، أو متعلقًا بشيء سواء كان من جنسه أو لا، فلا يجوز إلى زيد مال بمعنى مع زيد مال إذ ليس فيه ضم شيء إلى آخر في شيء مما ذكرنا كذا في المغني والشمني. قوله:"من فعل تعجب أو اسم تفضيل"، أي مشتقين من لفظي الحب والبغض كذا قاله الشمني، وأقره شيخنا والبعض، ويظهر لي أن المشتق مما في معناهما كالمشتق منهما نحو ودّ وكره، ويشير إليه قول الشارح بعدما يفيد حبًا أو بغضًا فتدبر. ثم رأيت في