كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا ... والمعنوي في متى وفي هنا
ــ
ومعرب الأسماء ما قد سلما
من شبه الحرف وبناؤه "لشبه من الحروف مدني" أي مقرب لقوته يعني أن علة بناء الاسم منحصرة في مشابهته الحرف شبهًا قويًّا يقربه منه. والاحتراز بذلك من الشبه الضعيف وهو الذي عارضه شيء من خواص الاسم "كالشبه الوضعي" وهو أن يكون الاسم
ــ
وأن المعرب ما سلم من هذا الشبه. قال السندوبي: وكما لا تقتضي عبارته الحصر لا تقتضي ثبوت الواسطة خلافًا لبعض الشراح. فإن قلت: ما تصنع في من التبعيضية فإنها تقتضي ذلك. قلت: هي هنا على حد قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَر}[البقرة: ٢٥٣] ، وقولهم منا ظعن ومنا أقام إذ ليس في الآية والشاهد إلا قسمان فكذلك قول الناظم والاسم إلخ. ا. هـ. وحاصل الجواب أن من التبعيضية إنما تقتضي بعضية مدخولها وكل من المعرب والمبني على حدته مدخول لها لا مجموعها لما عرفت من أن التقدير منه معرب ومنه مبني فالذي تقتضيه العبارة أن كلًّا بعض من الاسم وهو صحيح. قوله:"ولا واسطة" كان المناسب التفريع إلا أنه راعى قوله على الأصح فقط فترك التفريع. قوله:"على الأصح" وقيل المضاف إلى ياء المتكلم لا معرب ولا مبني والصحيح أنه معرب. وذهب بعضهم إلى أن الأسماء قبل التركيب لا معربة ولا مبنية وسينقل الشارح هذا قبيل قوله ومعرب الأسماء. قوله:"ويعلم ذلك" أي عدم الواسطة. قوله:"من قوله ومعرب الأسماء إلخ" أي مع قوله هنا ومبني لشبه إلخ. قوله:"وبناؤه" أي الواجب فلا يرد على الناظم ما سيأتي في الإضافة أن من أسباب البناء الإضافة إلى مبني لأنها مجوزة. وإنما قدر الشارح ذلك مع أنه يصح تعلق قوله لشبه بقوله مبني ليتوافق قسمًا التقسيم في الإطلاق فيتناسبا، وليفيد انحصار البناء في كونه لشبه الحرف على حد الكرم في العرب لأن الإضافة تأتي لما تأتي له اللام ولهذا قال الشارح يعني أن علة بناء الاسم منحصرة إلخ. قوله:"لشبه من الحروف مدني" اعترض على التعليل بأنه يقتضي تقدم وضع الحرف على وضع الاسم وإلا لزم حمل الاسم الموجود على الحرف المعدوم ولا معنى لذلك مع أن اللائق تقدم وضع الاسم لشرفه. وأجيب بأنا لا نسلم ذلك الاقتضاء فإنه يمكن مع تقدم وضع الاسم إلحاقه بالحرف مع تأخر وضعه بأن يوضع الاسم أولًا من غير نظر إلى حكمه من إعراب أو بناء، ثم الحرف ثانيًا، ثم يحكم للاسم بحكم الحرف لوجود المشابهة، وأيضًا يجوز أن يكون بناء الاسم لشبه الحرف باعتبار تعقل الواضع وما رتبه في عقله بأن يكون تعقل أولًا الأنواع الثلاثة عند إرادة وضعها ولاحظ معانيها ومقتضاها وحكم باستحقاق بعضها الحمل على بعض فيما يقتضيه من الحكم. وإنما اكتفى في بناء الاسم بشبهه للحرف من وجه واحد ولم يكتف في منع الصرف بشبه الفعل إلا من جهتين جهة اللفظ وجهة المعنى لأن الشبه الواحد بالحرف يبعده عن الاسمية ويقربه من الحرف الذي ليس بينه وبينه مناسبة إلا في الجنس الأعم وهو الكلمة، والفعل ليس كالحرف في البعد عن الاسم لأن كلًا منهما له معنى في نفسه بخلاف الحرف. وإنما لم يعرب الحرف إذا