على أن قرب الدار ليس بنافع ... إذا كان من تهواه ليس بذي ود
"بعن تجاوزًا عنى من قد فطن. وقد تجي" عن "موضع بعد و" موضع "على كما على موضع عن قد جعلا" كما رأيت. وجملة معاني عن عشرة أيضًا اقتصر منها الناظم على هذه الثلاثة: الأول المجاوزة وهي الأصل فيها، ولم يذكر البصريون سواه، نحو سافرت عن البلد ورغبت عن كذا. الثاني البعدية وهو المشار إليه بقوله: وقد تجي موضع بعد، نحو:{عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ}[المؤمنون: ٤٠] ، {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}[الانشقاق: ١٩] ، أي حالًا بعد حال. الثالث الاستعلاء كعلى نحو:{فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}[محمد: ٣٨] ، وقوله:
٥٧٣- لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ... عني ولا أنت دياني فتخزوني
ــ
بذلك في حاشا الجارة، ويحتمل أن الجار والمجرور خبر مبتدأ محذوف أي والتحقيق كائن على أن إلخ؛ لأن ما قبلها وقع لا على وجه التحقيق. قوله:"وقد تجيء عن موضع بعد"، قال أبو حيان يلزم أن تكون حينئذٍ ظرفا، ولا أعلم أحدًا قال: إنها اسم إلا إذا دخل عليها حرف الجر همع. قوله:"كما على إلخ" فيه وصل ما المصدرية بجملة اسمية، وهو جائز وإن كان قليلًا. قوله:"كما رأيت" أي في قوله:
إذا رضيب عليّ بنو قشير
قوله:"المجاوزة" هي بعد شيء مذكور، أو غير مذكور عما بعدها بسبب الحدث قبلها، فالأول نحو رميت السهم عن القوس أي جاوز السهم القوس بسبب الرمي. والثاني نحو رضي الله عنك أي جاوزتك المؤاخذة بسبب الرضا، ثم المجاوزة تارة تكون حقيقية كهذين المثالين، وتارة تكون مجازية نحو أخذت العلم عن عمرو، كأنه لما علمت ما يعلمه جاوزه العلم بسبب الأخذ هذا ملخص ما أفاده سم. ومن المجازية سألت زيدًا عن كذا، كأنه لما عرفك المسؤول بالمسؤول عنه جاوزه المسؤول عنه بسبب السؤال، وأنت خبير بأن هذا إنما يظهر إذا أفاد المسؤول المسؤول عنه لا إذا لم يفده، وأن المناسب لهذا المثال جعل البعد للمجرور عن الشيء، لا جعل البعد للشيء عن المجرور، فلا يلائم تعريفهم المجاوزة هذا المثال فاعرف ذلك. قوله:"ولم يذكر البصريون سواه"، وتكلفوا لها في المحال التي لا تظهر فيها المجاوزة معنى يصلح للمجاوزة، ولم يرتكبوا التضمين ولا غيره مما ارتكبوه في غيرها من الحروف، قوله:"أي حالًا بعد حال" من البعث والسؤال والموت، وقيل: من النطفة إلى ما بعدها، وقيل غير ذلك قال في شرح اللباب: والأولى أن عن باقية على ظاهرها، والمعنى طبقًا متجاوزًا في الشدة عن طبق آخر دونه. قوله: "لاه ابن
٥٧٣- البيت من البسيط، وهو لذي الإصبع العدواني في أدب الكاتب ص٥١٣؛ والأزهية ص٢٧٩؛ وإصلاح المنطق ص٣٧٣؛ والأغاني ٣/ ١٠٨؛ وأمالي المرتضى ١/ ٢٥٢؛ وجمهرة اللغة ص٥٩٦؛ وخزانة الأدب ٧/ ١٧٣، ١٧٧، ١٨٤، ١٨٦؛ والدرر ٤/ ١٤٣؛ وسمط اللآلي ص٢٨٩؛ وشرح التصريح ٢/ ١٥؛ وشرح =