من أدراج عبارته يعبق. وبدر التدقيق من أبراج إشاراته يشرق. خلا من الإفراط الممل.
ــ
"ويحل" بضم الحاء وكسرها لأن حل بمعنى نزل يجوز في حاء مضارعه الوجهان كما في القاموس وبهما قرئ في السبع قوله تعالى: {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي}[طه: ٨١] فاقتصار البعض كشيخنا على الضم تقصير. وأما حل ضد حرم فجاء مضارعه بالكسر فقط. وحل بمعنى فك فجاء مضارعه بالضم فقط. قوله:"منها" قال شيخنا السيد: حال أي كائنا منها لأن حل لا يتعدى بمن وكذا قوله من الأسد أي كائنة من الأسد. ولعل معنى كائنا منها وكائنة من الأسد منتسبا إليها ومنتسبة إلى الأسد ولا يبعد أن من في الموضعين بمعنى في. لا يقال الظرفية في الأول غير ظاهرة لأنا نقول لما امتزج بها كأنه حل فيها. وقوله محل الشجاعة أي حلولها فمحل مصدر ميمي أي حلولا كحلول الشجاعة والمراد بالشجاعة الجراءة لا الملكة المخصوصة لاختصاص الملكات بذوي العلم. قوله:"تجد نشر التحقيق إلخ" النشر الرائحة الطيبة. والتحقيق يطلق على ذكر الشيء على الوجه الحق ويطلق على إثبات المسألة بدليلها مع رد قوادحه. والأدراج بفتح الهمزة جمع درج بفتح الدال وسكون الراء أو فتحها ما يكتب فيه كما في القاموس ويعبق بفتح الباء مضارع عبق الطيب بكسرها عبقا بالتحريك من باب فرح ظهرت رائحته ولا يكون إلا للذكية كما في المصباح، ففي كلامه استعارة مكنية وتخييل وترشيح حيث شبه التحقيق في نفاسته بنحو المسك والنشر تخييل ويعبق ترشيح قال شيخنا السيد: وفي العبارة قلب أي من عبارات أدراجه. ا. هـ. ونكتة القلب الإشارة إلى قوة النشر حتى سرى من العبارات إلى محلها المكتوبة فيه.
قوله:"وبدر التدقيق إلخ" البدر القمر ليلة كماله. والتدقيق يطلق على إثبات المسألة بدليلين أو أكثر وعلى إثبات دليل المسألة بدليل، وعلى ذكر الشيء على وجه فيه دقة. والأبراج جمع برج وهو أحد أقسام الفلك الإثني عشر المسماة بالبروج، وعبر بالأبراج وهو جمع قلة مع أنها اثنا عشر لمزاوجة أدراج. ويشرق بضم أوله وكسر ثالثه مضارع أشرق أي أضاء أو بفتح أوله وضم ثالثه مضارع شرق كطلع وزنا ومعنى، وعلى كل ففي كلامه عيب السناد وهو اختلاف حركة ما قبل الروي. وفي كلامه استعارة مكنية وتخييل وترشيحان حيث شبه التدقيق بالليلة المقمرة كمال الإقمار بجامع الكمال والبدر تخييل والإشراق والأبراج ترشيحان قاله شيخنا السيد. وجعل شيخنا التدقيق مشبها بالسماء في العلوّ. والمتانة ولك أن تجعل الأبراج استعارة مصرحة لعبارات الإشارات أي المعاني الدقيقة إن شبهت بالأبراج في أن كلا محل لما ينتفع به إذ العبارات محل للمعاني والأبراج محل للكواكب، أو تخييلا لاستعارة مكنية إن شبهت الإشارات بالسموات في الرفعة والمتانة ثم ذكر شيخنا السيد أن هنا أيضا قلبا أي من إشارات أبراجه ولا حاجة إليه كما لا يخفى. قوله:"خلا من الإفراط إلخ" الإفراط مجاوزة الحد، والتفريط التقصير أي خلا من الإفراط في التطويل وعلا عن التفريط في تأدية المعاني. وعبر في جانب الإفراط بخلا وفي جانب التفريط بعلا لأن التفريط أفحش فهو أحق بالتباعد عنه الذي هو المراد من علا. وأخر هاتين السجعتين مع أنهما من باب التخلية وما قبلهما من باب التحلية التفاتا إلى تقدم الإثبات على النفي وشرف الوجود على العدم. والممل والمخل وصفان لازمان لأن المراد الذي