فيها بناء على الصحيح من أن أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب كما سيأتي، فأشبهت ليت ولعل مثلًا؛ ألا ترى أنهما نائبتان عن أتمنى وأترجى، ولا يدخل عليهما فاعل.
والاحتراز بانتفاء التأثر عما ناب عن الفعل في العمل ولكنه يتأثر بالعوامل كالمصدر النائب عن فعله فإنه معرب لعدم كمال مشابهته للحرف "وكافتقار أصلًا" ويسمى الشبه الافتقاري وهو أن يفتقر الاسم إلى الجملة افتقارًا مؤصلًا أي لازما كالحرف، كما في إذ وإذا وحيث
ــ
قوله: ويسمى الشبه الافتقاري. قوله:"وذلك موجود في أسماء الأفعال" فكلها مبنية للشبه الاستعمالي وفتحة نحو وراءك فتحة حكاية لما قبل نقله من الظرفية إلى اسمية الفعل خلافًا لابن خروف في جعله معربًا بالفتحة منصوبًا بما ناب عنه كنصب المصدر. قوله:"ولا يعمل غيرها فيها" أي لعدم دخول عامل عليها، ولو قال: ولا يدخل عليها عامل لكان أوضح لإيهام ما عبر به أن العامل قد يدخل عليها ولا يعمل مع أن العامل لا يدخل عليها اتفاقًا، ولا يرد قول زهير:
فلنعم حشو الدرع أنت إذا ... دعيت نزال ولج في الذعر
لأنه من الإسناد إلى اللفظ.
قوله:"بناء على الصحيح" مقابلة أنها مبتدأ أغنى فاعلها عن الخبر كما لجماعة أو مفعول مطلق لمحذوف وجوبًا موافق لها في المعنى بناء على أنها موضوعة للحدث كما لجماعة منهم المازني، وانظر ما علة البناء على هذين القولين. قوله:"نائبتان عن أتمنى وأترجى" لعل معنى نيابتهما عن الفعلين إفادتهما معناهما لا أن الأصل ذكر الفعلين فتركا وأقيم مقامهما الحرفان كما في نيابة حرف النداء عن ادعو. قوله:"كالمصدر النائب إلخ" مبني على أحد مذهبين ثانيهما أن المنصوب بعده معمول للفعل المحذوف لا له وعليه فهو نائب عن الفعل معنى لا عملًا. وإنما قيد بالنائب لأنه العامل لزومًا وغيره وإن كان أيضًا يتأثر بالعوامل تارة يعمل وتارة لا. قوله:"أصلًا" ألفه للإطلاق ولو جعلها ضمير تثنية عائدًا على نيابة وافتقار لصلح واستغنى عن قوله بلا تأثر المسوق لإخراج المصدر النائب عن فعله لأن نيابته عنه عارضة في بعض التراكيب بخلاف اسم الفعل فإن نيابته عنه متصلة حقيقة في المرتجل كآمين وتنزيلًا في المنقول كوراءك. قوله:"وهو" أي الشبه الافتقاري، أن يفتقر الاسم، أي ذو أن يفتقر الاسم، أو الضمير راجع إلى افتقار. قوله:"إلى الجملة" أي أو ما قام مقامها كالوصف في أل الموصولة أو عوض عنها كالتنوين في إذ. ا. هـ. دنوشري. ولعله أخذ التقييد بالجملة من جعل تنوين افتقار للتعظيم وهو أولى من جعل شيخنا إياه للتنويع لأن النوع كما يتحقق بالافتقار إلى الجملة يتحقق بغيره. ولا يرد على كلامه القول المقصود منه الحكاية لعدم افتقاره دائمًا إلى الجملة أو المفرد القائم مقامها كالقصيدة والشعر لأنه قد ينصب المفرد المراد به لفظه كقلت زيدًا أي قلت هذا اللفظ والمفرد الواقع على مفرد كقلت كلمة إذا كنت تلفظت بزيد مثلًا، وقد ينزل منزلة الفعل اللازم فلا ينصب شيئًا. هكذا ينبغي تقرير المقام ومنه يعلم ما في كلام البعض.