حيث زيد جالس:{وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ}[الأنفال: ٢٦] ، والفعلية نحو جلست حيث
ــ
انْتَبَذَتْ} [مريم: ١٦] ، فإذ انتبذت بدل اشتمال من مريم ومنع ذلك الجمهور وأولوا كما سيأتي، وترد للتعليل فتكون حرفا وقيل ظرف والتعليل مستفاد من قوة الكلام وهذا القول لا يتأتى إذا اختلف زمنا العلة والمعلل نحو:{وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ}[الزخرف: ٣٩] ، الآية أي لن ينفعكم يوم القيامة اشتراككم في العذاب لظلمكم في الدنيا. ولصاحب هذا القول أن يجعل إذ في الآية لمجرد الظرفية بدلا من اليوم على معنى إذ ثبت ظلمكم عندكم وعلى هذا الوجه يجوز أن تكون أن ومعمولاها تعليلا على حذف لام العلة وفاعل ينفع ضمير مستتر فيه راجع إلى قولهم:{يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ}[الزخرف: ٣٨] ، أو إلى القرين ويؤيدهما قراءة بعضهم بكسر إن على استئناف العلة كما في المغني. وللمفاجأة بعد بينا وبينما وهل هي حينئذٍ ظرف زمان أو مكان أو حرف مفاجأة أو حرف زائد أقوال. فإذا قلت بينا أو بينما أنا قائم إذ أقبل عمرو فعلى القول بزيادة إذ يكون الفعل بعدها هو العامل في بينا أو بينما كما يكون ذلك لو لم توجد إذ بعد بينا أو بينما وهو الأكثر، وعلى القول بأنها حرف مفاجأة فالعامل في بينا أو بينما فعل محذوف يفسره ما بعد إذ وعلى القول بالظرفية قال ابن جني وابن الباذش عاملها الفعل الذي بعدها لأنها غير مضافة إليه وعامل بينا أو بينما محذوف يفسره الفعل المذكور فمعنى المثال أقبل عمرو في زمن بين أوقات قيامي. وقال الشلوبين إذ مضافة للجملة فلا يعمل فيها الفعل ولا في بينا أو بينما لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف ولا فيما قبله بل عاملهما محذوف يدل عليه الكلام وإذ بدل منهما أي بين أوقات قيامي حين أقبل عمرو وافقت إقبال عمرو. واعلم أن أصل بين أن تكون مصدرا بمعنى الفراق فمعنى جلست بينكما جلست مكان فراقكما ومعنى أقبلت بين خروجك ودخولك أقبلت زمان فراق خروجك ودخولك فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فتبين أن بين المضافة إلى المفرد تستعمل في الزمان والمكان فلما قصدوا إضافتها إلى الجملة اسمية أو فعلية والإضافة إلى الجملة كلا إضافة زادوا عليها تارة ما الكافة لأنها تكف المقتضي عن اقتضائه وأشبعوا تارة أخرى الفتحة فتولدت ألف لتكون الألف دليل عدم اقتضائه للمضاف إليه لأنه حينئذٍ كالموقوف عليه لأن الألف قد يؤتى بها للوقف كما في أنا والظنونا وتعين حينئذٍ أن لا تكون إلا للزمان لما تقرر أنه لا يضاف إلى الجمل من المكان إلا حيث وإضافة بينما أو بينا في الحقيقة إلى زمان مضاف إلى الجملة فحذف الزمان المضاف والتقدير بين أوقات زيد قائم أي بين أوقات قيام زيد كذا قرره الرضي وقد يضاف بينا إلى مفرد مصدر دون بينما على الصحيح كذا في الدماميني والهمع وتقدير أوقات لأن بين إنما تضاف لمتعدد وناقش فيه أبو حيان بأن بينا قد تضاف للمصدر المتجزىء كالقيام مع أنهم لا يحذفون المضاف إلى الجملة في مثل هذا. قال في الهمع: وما ذكر من أن الجملة بعد بينا وبينما مضاف إليها قول الجمهور. وقيل: ما والألف كافتان فلا محل للجملة بعدهما وقيل ما كافة دون الألف بل هي مجرد إشباع. ا. هـ. وعلى عدم إضافتهما عاملهما ما في الجملة التي تليهما كما في المغني.
قوله:"الجملة الاسمية والفعلية" لكن إضافة حيث إلى الفعلية أكثر ولهذا ترجح النصب