ومن ثم يتعاقبان في نحو جئت من عنده ومن لدنه. وفي التنزيل {آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}[الكهف: ٦٥] ، بخلاف جلست عنده فلا يجوز جلست لدنه لعدم معنى الابتداء هنا. ثانيها أن الغالب استعمالها مجرورة بمن. ثالثها أنها مبنية إلا في لغة قيس وبلغتهم قرئ من لدنه. رابعها أنه يجوز إضافتها إلى الجمل كما سبق. خامسها جواز إفرادها قبل غدوة على ما مر. سادسها أنها لا تقع إلا فضلة تقول: السفر من عند البصرة ولا تقول من لدن البصرة. وأما لدي فهي مثل عند مطلقًا إلا أن جرها ممتنع بخلاف جر عند وأيضًا عند أمكن منها من وجهين: الأول أنها تكون ظرفًا للأعيان والمعاني تقول هذا القول
ــ
وللزمان قليلا ومنه كما في الدماميني عن المصنف إنما الصبر عند الصدمة الأولى ولا تخرج عن الظرفية إلا إلى الجر بمن. قوله:"لمبدأ الغايات" أي لأول المسافات فمسماها نفس أول الزمان أو المكان وبهذا فارقت من فإنها الابتداء الزمان أو المكان ومن ثم كانت حرفا ولدن اسما أفاده سم. قوله:"ومن ثم" أي من أجل أن لدن ملازمة لمبدأ الغايات وعند تكون لمبدأ الغايات وذلك إذا دخل عليها من الابتدائية يتعاقبان في نحو إلخ أي يعقب كل منهما الآخر أي يخلفه. قوله:"وعلمناه" أي الخضر. قوله:"لعدم معنى الابتداء هنا" بل المراد جلست في مكان قريب منه. قوله:"أن الغالب" ومن غير الغالب لدن شبّ ولدن أنت يافع. قوله:"إنها مبنية" أي على السكون في بعض لغاتها على ما علم مما مر وإنما بنيت لشبهها بالحرف في الجمود لملازمتها الظرفية أو شبهها وقيل لأن بعض لغاتها على وضع الحرف وأجرى البقية مجراه. قوله:"إلا في لغة قيس" قال المصرح أي فإنها معربة عندهم تشبيها بعند. ا. هـ. وخص في التسهيل والهمع إعرابها عندهم بلغتها المشهورة وهي لدن بفتح اللام وضم الدال وسكون النون.
قوله:"وبلغتهم قرىء من لدنه" قال المصرح أي بإسكان الدال مع إشمامها الضم وكسر النون وهي قراءة أبي بكر عن عامص. وحكى ابن الشجري عن الفارسي أن الكسرة في هذه القراءة ليست إعرابا وإنما هي للتخلص من التقاء الساكنين. ا. هـ. وفيه منافاة لما في القولة السابقة عن التسهيل والهمع إلا أن يقال إسكان الدال في هذه القراءة عارض للتخفيف والأصل ضمها كما يرشد إليه إشمامها للضم في هذه القراءة تنبيها على أصلها. ثم رأيت في الهمع التصريح بما ذكر من أن الأصل على هذه القراءة ضم الدال. قوله:"جواز إفرادها" أي قطعها عن الإضافة لفظا ومعنى. قوله:"على ما مر" أي على التفصيل الذي مر من أنها مفردة على أن غدوة منصوبة على التمييز أو التشبيه بالمفعول به أو مرفوعة على التشبيه بالفاعل ومضافة على أن غدوة منصوبة خبرا لكان أو مرفوعة خبر المبتدأ محذوف أو فاعلا لفعل محذوف. قوله:"لا تقع إلا فضلة" أي بخلاف عند تقول السفر من عند البصرة فعند جزء سد مسد العمدة وهو المتعلق المحذوف فأعطى العمدية. قوله:"فهي مثل عند مطلقا" يقتضي أنها معربة وبه صرح في المغني لكن في شيخ الإسلام أن المصرح به خلافه وفي شرح المغني للدماميني حكاية القول ببنائها عن ابن الحاجب. قوله:"إلا أن جرها" أي جر الحرف إياها. قوله:"تقول هذا القول إلخ" اقتصر على