وما يلي المضاف يأتي خلفا ... عنه في الإعراب إذا ما حذفا
ــ
الإضافة. إلا أنه أعرب لأنه جعل ما لحقه من التنوين عوضًا من اللفظ بالمضاف إليه فعومل قبل مع التنوين لكونه عوضًا من المضاف إليه بما يعامل به مع المضاف إليه كما فعل بكل حين قطع عن الإضافة لحقه التنوين عوضًا، وهذا القول عندي حسن "وما يلي المضاف" وهو المضاف إليه "يأتي خلفا عنه في الإعراب" غالبًا "إذا ما حذفا" لقيام قرينة تدل عليه نحو: {وَجَاءَ رَبُّكَ}[الفجر: ٢٢] ، أي أمر ربك {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢] ، أي أهل القرية.
تنبيهان: الأول كما قام المضاف إليه مقام المضاف في الإعراب يقوم مقامه في التذكير كقوله:
٦٦٦- يسقون من ورد البريص عليهم ... بردى يصفق بالرحيق السلسل
ــ
قوله:"معرفة بنية الإضافة" أي نية معنى المضاف إليه بدليل الاعتذار عن إعرابها بقوله إلا أنه أعرب إلخ وهذا القول مقابل لما في النظم إلا أن يراد بالتنكير بحسب اللفظ فقط. قوله:"وهذا القول عندي حسن" لاقتضاء القياس على النظير المذكور إياه. قوله:"وهو المضاف إليه" أي الصالح لإعراب المضاف فلو كان المضاف إليه جملة لم يجز حذف المضاف لأنها لا تصلح فاعلا ولا مفعولا مثلا وكذا إذا كان محلى بأل والمضاف منادى فلا يصح يا الخليفة أي يا مثل الخليفة، والمراد المضاف إليه ولو بواسطة فيشمل ما إذا حذف اثنان كما يأتي في التنبيه الثاني على أن الأصح أن الحذف تدريجي كما يأتي وحينئذٍ لا حاجة إلى هذه الغاية. قوله:"غالبا" أخذه من البيت بعده. قوله:"إذا ما حذفا" اعلم أن المضاف إذا حذف للقرينة فتارة يكون مطروحا وتارة يكون ملتفتا إليه، ويعلم هذا بعود الضمير إليه وقد اجتمعا في قوله تعالى:{وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ}[الأعراف: ٤] ، فأرجع الضمير أولا إلى القرية طرحا للمضاف وثانيا إلى المضاف التفاتا إليه قاله يس. ولا تناقض لاختلاف الوقت. قوله:"لقيام قرينة تدل عليه" فإن لم تكن قرينة امتنع الحذف ولا ينافيه ما قالوه في نحو جاء زيد نفسه من أن نفسه لدفع توهم نية المضاف وإن اعترض بذلك الدماميني لأن باب التوهم واسع لا يقتضي جواز ارتكاب المتوهم كما قاله سم ولأن عقل السامع ربما يجوّز وجود قرينة خفيت عليه.
قوله:"نحو وجاء ربك إلخ" نحو: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}[البقرة: ١٩٧] ، {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى}[البقرة: ١٨٩] ، أي حج أشهر معلومات وبر من اتقى وهذا أولى من تقدير المضاف
٦٦٦- البيت من الكامل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص١٢٢؛ وجمهرة اللغة ص٣١٢؛ وخزانة الأدب ٤/ ٣٨١، ٣٨٢، والدرر ٥/ ٣٨؛ وشرح المفصل ٣/ ٢٥؛ ولسان العرب ٣/ ٨٨ "برد"، ٧/ ٦ "برص"، ١٠/ ٢٠٢ "صفق"؛ ومعجم ما استعجم ص٢٤٠؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١/ ٤٥١؛ وشرح المفصل ٣/ ١٦٦؛ ولسان العرب ١١/ ٣٤٥ "مسلسل"، ١٤/ ٤٧٨ "ضحا"؛ وهمع الهوامع ٢/ ٥١.