فعل "مضي بنيا" على الأصل في الأفعال الأولى على ما يجزم به مضارعه من سكون أو حذف. والثاني على الفتح كضرب أو تقديرًا كرمي. وبني على الحركة لمشابهته المضارع في وقوعه صفة وصلة وخبرًا وحالًا وشرطًا، وبني على الفتح لخفته. وأما نحو ضربت وانطلقنا واستبقن فالسكون فيه عارض أوجبه كراهتهم توالي أربع متحركات فيما هو
ــ
يصلح علة لتقديم علة البناء مع أنه أسلف تعليل تقديم علة البناء فتأمل. قوله:"وفعل مضيّ" فيه إشارة إلى جرّ مضى وتقدير حذفه المصنف لمماثلته المعطوف عليه وأبقى المضاف إليه بحاله، وأن قوله بنيا الرافع لضمير التثنية خبر عن المذكور والمحذوف فلا يلزم الإخبار عن مفرد بمتحمل ضمير التثنية. ويحتمل كلام المصنف رفع مضى عطفًا على فعل على أنه أقيم مقام المضاف عند حذفه أو على أنه بمعنى ماض. ويحتمل أن ألف بنيا للإطلاق وأن ضميره يرجع إلى فعل مرادًا به الجنس في ضمن نوعيه: فعل الأمر وفعل المضي. وأصل مضى مضوي قلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون، وقلبت ضمة الضاد كسرة للمناسبة.
قوله:"الأول على ما يجزم به مضارعه" تبع فيه التوضيح وأورد عليه أن أمر الإناث مبني على السكون صحيحًا كاضربن أو معتلًا كاخشين مع أن مضارعه ليس مجزومًا لبنائه باتصال نون الإناث والأمر المؤكد بالنون مبني على سكون مقدر مع أن مضارعه ليس مجزومًا لبنائه باتصال نون التوكيد والأمر الذي لا مضارع له كهات وتعال مبني مع أنه لا مضارع له حتى يكون مجزومًا. وأجاب بعضهم عن الأولين بأن المضارع الذي اتصلت به نون الإناث أو نون التوكيد في محل جزم واستبعد لكن يأتي قريبًا ما يؤيده. وبعضهم بأن المراد ما يجزم به مضارعه بقطع النظر عن اللواحق ويرد عليه أمر الإناث المعتل فإنه مبني على السكون ومضارعه المجرد من نون الإناث مجزوم بحذفي آخره، وبعضهم عن الأخير بأن المراد لو كان له مضارع ولك أن تستغني عن هذه التكلفات بجعل كلامه أغلبيًا. وقال شيخنا السيد: التحقيق أن هات له مضارع يقال: هاتي يهاتي مهاتاة كناجي يناجي مناجاة. ا. هـ. قوله:"من سكون" أي ظاهر أو مقدر كمر بزيد وقوله أو حذف أي حذف حرف علة أو نون وقد لا يبقى منه إلا حركة كما في قل أصله قل أأي عد نقلت حركة الهمزة إلى اللام وحذفت. قوله:"لمشابهته المضارع" أي والمضارع معرب والأصل في الإعراب الحركة. قوله:"في وقوعه صفة إلخ" لا يخفى أن الواقع صفة وصلة وخبر أو حالًا هو الجملة لا الفعل وحده لكن لما كان المقصود بالذات من الجملة الفعل اعتبروه أو المراد وقوعه كذلك صورة قاله يس. قوله:"وأما نحو ضربت إلخ" أشار بالأمثلة الثلاثة إلى الصور الثلاث التي يعرض فيها سكون آخر الماضي وهي اتصاله بتاء الضمير أو نا التي للفاعل أو نون النسوة.
قوله:"كراهتهم توالي أربع متحركات" أي في الثلاثي وبعض الخماسي كانطلقت وحمل الرباعي والسداسي وبعض الخماسي كتعظمت عليه إجراء للباب على وتيرة واحدة. وإنما حمل الأكثر على الأقل لأن في حمله على الأقل دفع المحذور بخلاف العكس. ولا يرد على كراهتهم