أن يكون كذلك. ومن وقوعه غير مقدر بأحدها قول العرب: سمع أذني أخاك يقول ذلك الثالث لإعمال المصدر شروط ذكرها في غير هذا الكتاب. أحدها أن يكون مظهرًا فلو أضمر لم يعمل خلافًا للكوفيين وأجاز ابن جني في الخصائص والرماني إعماله في المجرور وقياسه في الظرف. ثانيها أن يكون مكبرًا فلو صغر لم يعمل. ثالثها أن يكون غير محدود فلو حد بالتاء لم يعمل. وأما قوله:
٧٠٣- يحابي به الجلد الذي هو حازم ... بضربة كفيه الملا نفس راكب
فشاذ. رابعها أن يكون غير منعوت قبل تمام عمله فلا يجوز أعجبني ضربك المبرح
ــ
مفصولة بالخبر ونحوه نحو:{إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى}[طه: ١١٨] ، ومثل إن كان ولا يوقعون الحرف المصدري وصلته بعد لا غير المكررة أو يقال اللفظ الذي يقدر به لفظ آخر لا يلزم صحة النطق به مكانه كما ذكره الدماميني وشارح الجامع.
قوله:"سمع أذني أخاك يقول ذلك" حال كالحال في ضربي العبد مسيئا فالتقدير سمع أذني أخاك حاصل إذ كان أو إذا كان، فصاحب الحال ضمير الفعل المحذوف لا الأخ وإن زعمه البعض. وإنما لم يكن المصدر هنا مقدرا بما أو أن المخففة لاشتراط أن يسبقهما أو المصدر المقدر بهما شيء ولم يوجد، وإنما لم يكن مقدرا بأن المصدرية لأن المراد الإخبار بأن سمع أذنه قول أخيه حاصل وأن تقتضي أنه سيحصل لأنها تخلص المضارع للاستقبال كذا قال البعض، وفيه نظر إذ تقدير أن والماضي لا يقتضي أن السمع سيحصل فتدبر. قوله:"فلو أضمر لم يعمل" لضعفه بالإضمار بزوال حروف الفعل فلا يجوز على الأصح مروري بزيد حسن وهو بعمرو قبيح. وتوقف البهوتي هل هذا الخلاف في ضمير اسم الفاعل أيضا نحو مكرم زيدا عالم وهو بكرا جاهل أو يعمل اتفاقا أو لا يعمل اتفاقا. وقول الدماميني لم أرَ أحدا حكى إجازة إعمال اسم الفاعل مضمرا يمنع الاحتمال الثاني ويضعف الأول ويقوي الثالث. قوله:"فلو صغر لم يعمل" لخروجه بالتصغير عن الصيغة التي هي أصل الفعل وقيل يعمل مصغرا ويوافقه رويدا زيدا. قوله:"غير محدود" أي دال على المرة. قوله:"فلو حد بالتاء" أي تاء الوحدة لم يعمل لأن صيغته حينئذٍ ليست الصيغة التي هي أصل الفعل فلو كانت التاء في أصل بناء المصدر كرحمة ورغبة ورهبة عمل كما قاله الشاطبي لعدم الوحدة حينئذٍ فلا يكون محدودا. قوله:"يحابي" أي يحيى به أي بالماء والجلد بفتح الجيم وسكون اللام القوي فاعل، والحازم الضابط والملا مقصور هو التراب. والشاهد في نصبه بضربة ونفس مفعول يحابي يصف الشاعر مسافرا معه ماء فتيمم وأحيا بالماء نفس راكب كاد يموت عطشا.
قوله:"أن يكون غير منعوت إلخ" أي لأن النعت من خصائص الأسماء المبعدة عن الفعل
٧٠٣- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في حاشية يس ٢/ ٦٢؛ والدرر ٥/ ٢٤٣؛ وشرح قطر الندى ص٢٦٣؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٥٢٧.