للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من نون توكيد مباشر ومن ... نون إناث كيرعن من فتن

ــ

والمضارع يغنيه عن الإعراب وضع اسم مكانه كما في نحو: لا تعن بالجفاء وتمدح عمرًا، فإنه يحتمل المعاني الثلاثة في لا تأكل السمك وتشرب اللبن. يغني عن الإعراب في ذلك وضع الاسم مكان كل من المجزوم والمنصوب والمرفوع:؛ فيقال: لا تعن بالجفاء ومدح عمرو، ولا تعن بالجفاء مادحًا عمرًا، ولا تعن بالجفاء ولك مدح عمرو؛ ومن ثم كان الاسم اصلًا والمضارع فرعًا خلافًا للكوفيين فإنهم ذهبوا إلى أن الإعراب أصل في الأفعال كما هو أصل في الأسماء؛ قالوا لأن اللبس الذي أوجب الإعراب في نحو الأسماء موجود في الأفعال في بعض المواضع كما في نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن كما تقدم. واجيب بأن اللبس في المضارع كان يمكن أزالته بغير الإعراب كما تقدم. وإنما يعرب المضارع "إن عريا. من نون توكيد مباشر" له نحو ليسجنن وليكونا "ومن نون إناث كيرعن" من قولك النسوة يرعن أي يخفن "من فتن" فإن لم يغر منهما لم يعرب لمعارضة

ــ

قوله: "مقصورة عليه" أي لا تحصل إلا بلفظه فتعين إعرابه طريقًا لبيانها. قوله: "لا تعن" بصيغة المجهول على المشهور لأنه بمعنى تهتم بخلاف الذي بمعنى تقصد فمبني للفاعل. قوله: "فيقال لا تعن بالجفاء ومدح عمرو إلخ" ومثل ذلك يقال في لا تأكل السمك وتشرب اللبن. قوله: "ومن ثم" أي من أجل أن الاسم ليس له ما يغنيه عن الإعراب بخلاف الفعل. قوله: "كان الاسم" أي إعرابه أصلًا والمضارع أي إعرابه فرعًا. قوله: "خلافًا للكوفيين" أي ولمن ذهب إلى أن الإعراب أصل في الفعل فرع في الاسم لوجوده في الفعل من غير سبب فهو لذاته بخلاف الاسم وهو باطل لما علمت من أن سبب الإعراب فيهما توارد المعاني. قوله: "إن عريا" بكسر الراء ماضي يعرى كرضي يرضى أي خلا، وأما عرا يعرو كعلا يعلو فبمعنى عرض. قوله: "مباشر" أي ولو تقديرًا كقوله:

لا تهين الفقير علك أن تركع ... يومًا والدهر قد رفعه

أصله تهينن بنون التوكيد الخفيفة حذفت لالتقاء الساكنين أفاده يس وغيره. قوله: "ومن نون إناث" أي نون موضوعة للإناث وإن استعملت مجازًا في الذكور كما في قوله:

يمرون بالدهنا خفافًا عيابهم ... ويرجعن من دارين بجر الحقائب

قوله: "لم يعرب" أي لفظًا وهو معرب محلًا إن دخل عليه ناصب أو جازم كما في يس. وسكت عن محلية الرفع بالتجرد والقياس أنها كذلك، إلا أن يقال التجرد ضعيف لأنه عامل معنوي كذا قال شيخنا السيد. ثم رأيت شيخنا في باب إعراب الفعل نقل عن سم أن له محل رفع في حال التجرد من الناصب والجازم ونظر فيه. وجزم بأنه ليس له في حال التجرد محل رفع ناقلًا ذلك عن القليوبي وغيره. قوله: "لمعارضة إلخ" فيه أن عدم إعرابه هو الأصل فلا يحتاج إلى التعليل ويجاب بأن المضارع لما أشبه الاسم في الأمور المتقدمة كان كأن الإعراب

<<  <  ج: ص:  >  >>